لا تدل المعطيات الحالية للاقتصاد التونسي على وجود صحوة اقتصادية بداية من هذه السنة. هذا ما أفاد به السيد عزالدين سعيادان مستعرضا المؤشرات التالية: تراجع نسق نمو الدخل القومي الخام خلال سنة 2017 وذلك من ثلاثية إلى أخرى بالمقارنة مع الثلاثية التي تسبقها مباشرة. حيث ارتفع على التوالي بنسبة 0،8% خلال الثلاثية الاولى وبنسبة 0،1% خلال الثلالاثية الثانية و0،7% خلال الثلاثية الثالثة.. هذا يجعل نسبة النمو خلال التسعة أشهر الأولى من هذه السنة تستقر في حدود 1،9% بالقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية مقابل 2،1% في موفى شهر مارس الماضي و1،8% خلال النصف الأول من هذه السنة وهو ما يجعل تحقيق هدف الحكومة بالنسبة لكامل السنة المحدد ب2،5% صعبا للغاية. ومن حيث معاملاتنا مع الخارج سجل الميزان التجاري عجزا قياسيا ب13،2 مليار دينار خلال العشرة أشهر الأولى من هذه السنة مقابل 7،535 مليار دينار خلال السداسي الاول من سنة 2017 و6،035 مليار دينار خلال نفس الفترة من سنة 2016. هذا العجز لا يمكن تغطيته من المداخيل السياحية فقط ولا من عائدات مواطنينا بالخارج وأيضا من الاستثمارات الخارجية بل ستلجأ الحكومة إلى التداين لتغطية جزء من هذا العجز إلى جانب تغطية مصاريف الدين الخارجي. مع الإشارة إلى أن سعر صرف الدينار زاد في تازم الوضع حيث ما فتئ يتراجع بصفة غير مسبوقة ليساهم في ارتفاع العجز المالي في ظل تفوق وارداتنا من حيث القيمة بالمقارنة مع صادراتنا من السلع. وقد خسر الدينار حوالي 20% من قيمته منذ بداية السنة وأكثر من 40% منذ ثلاث سنوات وأكثر من 60% منذ سنة 2010. وتبعا لذلك بلغ مجموع الدين العمومي حوالي 70 مليار دينار حاليا مقابل 25 مليار دينار إلي حدود سنة 2010 ومن المنتظر أن يبلغ 76 مليار دينار حسب ما ورد بمشروع ميزانية الدولة لسنة 2018 التي تضمنت بالخصوص ما قيمته 8،5 مليار دينار لتغطية خدمات الدين الخارجي. وبالرغم من التحسن الطفيف في قيمة تصدير البضائع وفي العائدات السياحية فإن مدخراتنا من العملات الاجنبية اقتربت من الخط الأحمر (90 يوم من التوريد) فهي لا تغطي سوى 92 يوم. ومن حيث الأسعار فحدث ولا حرج فقد بلغت نسبة التضخم في أواخر شهر أكتوبر الماضي 5،6% وهي أيضا في ارتفاع متزايد منذ بداية السنة مما يجعل المواطن يخسر 25% من طاقته الشرائية منذ سنة 2010 ويؤثر سلبا على التوازنات المالية للبلاد وخاصة على تنافسية الاقتصاد وأيضا على الادخار الذي تراجعت نبته من الدخل القومي الخام من 22% سنة 2010 إلى 11% فقط حاليا.