أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نبر الوالدين حتى بعد انتقالهما وكان صلى الله عليه وسلم يزور قبر أمه ويبكي عند القبر؛ وذات مرة زار قبرها وكان معه ألفي فارس مقنع فقال لهم : "قفوا" أي انتظروا ، وقال الراوي ما وجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد بكاءاً من ذلك اليوم. ومن هذا الحديث يقول أهل السنة والجماعة بأن والدي النبي صلى الله عليه وسلم من الناجين، وهو ما عليه الأشاعرة ويستدلون أيضا بقوله تعالى «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا» وأن أهل الفترة جميعا بناء على هذه الأية من الناجين. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبر صديقات السيدة خديجة رضي الله عنها لبر السيدة خديجة لهن ولأن النبي صلى الله عليه وسلم يود السيدة خديجة رضي الله عنها. ورأى عبد الله بن عمر أعرابيا ذات مرة فأهداه عمامة جديدة ، فقال له في ذلك عبد الله ابن المبارك وأخبره : بأن الأعراب يرضون بأي شيء -وكأنه استكثر العمامة الجديدة على الرجل-. فقال : إني وجدت ابن الخطاب يبره وهو في حياته فأحببت أن أبره لبر ابن الخطاب له. ومن البر للأم وهي في دار الحق بعد موتها قد يقوم الإنسان بشراء سرير في مستشفى من المستشفيات في الجمهورية ويوقف هذا العمل بأجره على أمه ،وقد يوقف بعض المال نفقة على سرير في مستشفى من المستشفيات التي تعالج المرضى بنية الوقف والأجر لأمه؛ فهذا من أنواع البر بالأم بعد مماتها ،وكل هذا لو بحثنا عنه لوجدناه مشروعا في المحجة البيضاء سنة النبي صلى الله عليه وسلم . ونجد أن النبي صلى الله عليه وسلم بر أمه بزيارته لقبرها بعد وفاتها ،وبره للسيدة خديجة وإن كانت زوجته إلا أنه علل قبل ذلك عندما سئل فقال "رزقني الله منها الولد". والأم هي من تضم وتربي وتحنو وتسقي وليدها حنانا .. وقال ابن دريد: سميت مكة أم القرى لأنها وسط العالم وتجمع العالم كله ومنها بدأت الأرض.