يعاني المترجّل كثيرا في تونس عامّة و في صفاقس خاصة.. فهو المسكين الذليل في نظر شعب السيارات.. في نظرنا المترجّل هو الفقير الذي لم يستطع شراء سيارة.. و قد يعرض أحدهم عليك – عن حسن نية – اصطحابك في سيارته أو حتى على دراجته النارية و لا يصدّق أنك تريد أن تمارس رياضة المشي قليلا.. و لكن ذلك ممنوع فبالإضافة إلى السيارات التي لا تحترمك و تكاد تدوسك مهما ابتعدت عنها تتعرّض أيها المترجّل لغبار الأتربة و الحجارة المتناثرة و الفضلات المنتشرة في كل مكان و الروائح الكريهة و الحفر و الكلاب السائبة و خطر البراكاجات و تسمع كلاما بذيئا و لا تشاهد منظرا جميلا في المدينة أو في الزنق ينشرح به صدرك و لا تجد ممرّا لك أو رصيفا تمشي عليه.. و يزداد الأمر سوءا مع عتمة الليل حتى قال لي أحد المؤذّنين إنه لم يعد يستطيع أن يذهب إلى الجامع لصلاة العشاء أو الفجر بالإضافة إلى استعمال أضواء الطريق ( phare ) عوضا عن أضواء المقاطعة من قِبَل أصحاب السيارات المحترمين.. في بلدنا تشغّل سيارتك حتى لو كانت المسافة 400 م أو تبطل المشوار أو تتعرّض للصعوبات التي ذكرناها إذا أردت المشي على الأقدام ! عندنا يريد الشخص أن يدخل المغازة بسيارته و يقضي كل شؤونه و هو داخلها لأنها فُهمت خطأ أنها علامة رفاه أما المترجل فهو المسكين المحتقر.. و كذلك صاحب الدراجة العادية و التي كنا سابقا نستمتع بركوبها مثل الشعوب المتقدمة التي تحب ركوب الدراجات و تعتبر ذلك رياضة للجسم و الروح أو المشي على الأقدام في الصباح الباكر أو في المساء.. و لكننا نفضل أن نكون أكثر تطورا منهم و نفضل السيارات التي يكثر الطلب عليها حتى أصبحنا نشاهد ورود سلسلة جديدة ب 000 10 عربة في أقل من شهرين و اختنقت حركة المرور و ازداد التلوث و هُدرت الطاقة و ارتفعت أسعار البنزين و السيارات و نحن نواصل الإقبال عليها بشغف. إننا ببساطة نعشق السيارات و نحب الكسل و نكره الرياضة و لنا نظرة دونية للمترجّل.. مع العلم أنني أنا أيضا صاحب سيارة و لكن أحب أن أمشي على الأقدام في بعض الأحيان خاصة إذا كانت المسافة قصيرة.