إذا امتلكتَ سيارة في تونس بعد أن تكون قد دفعتَ ثمن شرائها الباهض تبدأ سلسلة من المعاناة المرّة… فطرقاتنا و زنقنا المليئة بالحفر و المطبّات العشوائية التي يسمّونها مخفّضات سرعة ستفسِد ميكانيك السيارة.. و كذلك التلوث و الأتربة و الغبار و الفياضانات التي سببها كميات محدودة من الأمطار و الأوحال تضرّ بالسيارة في نظافتها و جماليتها و في ميكانيكها.. و سيدفع صاحب العربة ثمن إصلاحها غاليا.. و عندما تقود السيارة تتوتر أعصابك و تصاب بعديد الأمراض نتيجة اختناق حركة المرور.. و مهما كنت سائقا جيدا تظل في حالة فزع خوفا من حادث مرور بسبب سوء البنية التحتية أو جنون السيارات الأخرى أو القطار أو لامبالاة بعض المترجّلين.. ثم إذا وجدت مأوى لتركنها فيه يأتيك باندي أو متطفّل ليأخذ منك غنيمته و إلا فالويل لك.. و قد تجد سيارتك مضروبة في بلّورها أو طولتها أو أضوائها أو … بعد أن تعود إليها في المأوى أو حتى عندما تسوقها بسبب براكاج أو عبث أطفال أو منحرفين أو حسد أحدهم لك أو غير ذلك. و قد تتعرّض سيارتك أو بعض قطع منها للسرقة من قبل عصابات مختصّة أو حتى من غير المختصّين.. و في الطرقات و رغم وضعك لذلك الحزام الذي يشقّ الجسم إلى نصفين و الذي قانونه لا يُطبّق على الجميع و يستثنى منه من له قدرة خارقة على النجاة من الحوادث، رغم ذلك قد تتعرّض لخطية بسبب مخالفة مرورية وهمية مثل الدخول في اتجاه ممنوع sens interdit و الحال أن اللافتة تغطّيها شجرة أو غير ذلك من المخالفات الظالمة.. و إذا نجوتَ من هذا كله فعليك أن تدفع سعر وقودنا البخس الذي يتماشى مع كلفة برميل النفط في العالم !.. بالإضافة إلى مصاريف أخرى كالتأمين الذي بصفة عامّة لا يعوّض إلا لأصدقائه حتى لو كانوا ظالمين في حادث أو معلوم الجولان في الحفر أو الفحص الفني و غير ذلك من التكاليف المضنية… السيارة نعمة من نعم الله لا شكّ.. بارك الله في من اخترعها.. تنقلنا من مكان إلى آخر و تقصّر المسافات.. هي فرحة و راحة و حرية.. هذا هو الأصل.. و لكن هذه النعمة شابتها منغّصات حتى فسدت و لم نعد نتمتّع بها إلا قليلا !