كتب الصحفي بوحدة الإنتاج التلفزي بصفاقس زهير بن علي خلال حضوره بمطار صفاقسطينة الدولي لتغطية وصول أولى رحلات عودة الحجيج التونسيين مساء أمس الإثنين 27 أوت 2018، كتب تدوينة على صفحته على الفايسبوك يصف فيها إحدى الحاجات التونسيات حين وصولها للمطار، رسم زهير صورة للحاجة ذات الوشم ليتفاعل معه الكثير من رواد مواقع التواصل الإجتماعي . وهذه تدوينة زهير بن علي: "لم تستطع تلك العجوز الوقوف بعد أن نزلت أخيرا من الطائرة…وشمها الذي لم يفقد لونه الأخضر يذكرني بأمي…ارتعاشة اصابعها..وجهها الشاحب..بحثها المتواصل عن شخص ما .. اقتربت منها وقلت لها " دادا السمحة لاباس عليك؟"..كأني عانقت وجعا ما سكنها منذ الأزل ..ابتسمت وقالت " نا وين ؟" جلست إلى جانبها متفاديا عينيها و قصص جوع وفقر و حكاية طفل يحمل أمل "الدوار" بأكمله في كتب ممزقة و قلم يتيم و برد سكن عظامه رغم صغر حجمه.."ستكبر يا "كبدي " ولن تجوع ولن تبرد وستلبس حذاءا جديدا..و سترسل "دادا"إلى "بيت ربي" لتغتسل من خطايا لم ترتكبها يوما…" قلت ل"دادا" :" حمدا لله على السلامة ..انت في بلادك.." لمست تجاعيد اصابعها أرضية المطار الملساء كأنها تبحث عن تلك الأرض..بطاقة هويتها التي تفتقدها منذ أن ذهبت إلى الحج .. العابرون في المطار ..بخطاهم المتعجلة و بضجيجهم ..كالصمت ..لا يشبهون إلا قصصهم التي تشيخ معهم .. قالت لي تلك العجوز .."توحشت داري .. والجبل وقبر "الشايب"..ونا في بيت ربي جاني في المنام وقال لي :*رد بالك على النعجات و على ولدنا *..وليدي راني تعبت خرجني من هنا و وصلني لولدي "صابر " ..مسكين نهار كامل يستنى في نوصل.." حين عبرنا جموع المنتظرين في بهو المطار كان ابنها بوجهه الشاحب على موعد مع وشم تلك العجوز..ارتمت في حضنه لتسكنه إلى الابد … تعالت الزغاريد والاهازيج و أصوات" الباحثين عن الله".. صوت ما يربكني وانا أعبر باب "العودة" ..كانت "يامة" بوشمها الأمازيغي تعانقني كأني ذلك الصغير الذي جاع و مرض و "تمرمد" و لم يعش طفولته …لتذكرني بأن النسيان خطوة أولى لجهنم ..و أن الخطايا لا يرتكبها الفقراء …"