بغض النظر عن هدنة السنة الفارطة و التي دخلت تحت طائلة الراحة الاجبارية المترتبة عن وفاة سفيان الشعري رحمه الله فقد شكلت حلقات مسلسل نسيبتي العزيزة طوال الجزأين الماضيين مصدرا جبارا لإثارة التعاليق و الآراء خصوصا فيما تعلق بجعل اللهجة الصفاقسية بين أكثر من قوسين كمصدر للإضحاك و التندر زد على ذلك محاولة تضخيم عنصر البلاهة و التبلد الذهني لدي شخصية المنجي التي يؤديها فرحات هنانة المنتمي بحكم المولد جغرافيا و عائليا الى جهة صفاقس رغم إصرار البعض على الفصل الغير البريء بين صفاقس و قرقنة . بالعودة الى الحلقات التي تم تمريرها الى حدود اليوم من المسلسل المذكور تكون أولى الملاحظات أن الكتابة تكفل بها هذا العام يونس الفارحي – ببوشة – دون مشاركة فرحات هنانة ما يمكن أن ندخله في نقاط الهنات هذا العام رغم أننا لا نعلم مقدار المساهمة لكل منهما في الأجزاء الفارطة و لكن الهنات في جميع الحالات موجودة و سنحاول الاشارة إليها بشكل برقي حتى نحاول إعطاء لكل لذي حق حقه . أول نقيصة تلاحظ هذا العام هي غياب سفيان الشعري الذي ثبت أنه هو من كان يحمل أعباء المسلسل على كتفيه أما الملاحظة الثانية فنسوقها حول النص الذي تحول بشكل كامل تقريبا الى حوار ثنائي بين الفاهم و ببوشة إضافة إلى وجود شخصيات نشاز لا علاقة لها بالسياق الدرامي كشخصية سفيان الداهش الذي شاهدناه باهتا و يتكلم بلغة غريبة عن اذن المواطن و كأننا بصدد الاستماع الى لغة ثالثة و هجينة تجمع بين الفصحى و الدارجة و حتى إن كان بغرض الاضحاك فلقد غاب على الداهش و على من معه من مخرج و كاتب سيناريو أن هذه الطريقة ممجوجة و غير مقبولة و دائما في سياق النص فقد ظهر المنجي هذا العام في صورة الأبله إضافة الى صفة المكبوت من خلال استعمال إشارات و عبارات مبالغ فيها قد تمس من حياء المواطن البسيط علاوة على كون الامر بعيدا عن التلميح الجميل الذي كان في الأجزاء الفارطة ليكون ذلك حجة لمن لا حجة له حتى يصب سخطه على العمل بتعلة المساس بالأخلاق فاتحا بذلك الباب على مصراعيه أمام محاربي الفني و الثقافي عموما حتى يشيروا بالبنان الى الفني بأنه تقويض للأخلاقي و من ورائه الديني طبعا . ظهور شخصية الحمار و استثمارها كمصدر آخر للإضحاك لم يكن خيارا موفقا بل كان اختيارا مرتبكا مفتقدا للخيال و للقدرة على الإتيان بما من شأنه أن يكون عنصر مفاجأة و إضحاك ليعود المسلسل بهذا الى ما تجاوزته الأحداث كمسلسلات النهدي رياض و عمه الأمين المبنية على التعبيير بقسمات الوجه و بكلمات غير متماسكة و غير موضوعة صلب حبكة كاملة بل كأن ما يقع تمثيله مرتجل لحظة التمثيل أو هو ما يعرف بكوميديا الموقف . رغم الهنات التي لوحظت في هذا العمل بتراجع مستواه عن السنوات الفارطة فإن بعض التهجمات التي لقيها هي من قبيل الفرقعة و التهجم المجاني . و عموما فإن هذا التراجع في المستوى أمر متوقع في مثل هذه التجارب و هو أمر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحط من القيمة الفنية و الابداعية لممثلين كيونس الفارحي و منى نور الدين و غيرهما من الوجوه التي طالما أثرت المشهد الفني في تونس .