نجح “مركز قصد للدراسات العربية بباريس” تحت قيادة الأكاديمي والباحث بجامعة ” السربون ” الأستاذ “محمد هنيد”، في إقامة ندوة متميزة المقاربات والتحاليل والأبعاد، حول عنوان الانتقال الديمقراطي في تونس وجملة التحديات. حيث شارك في هذا اللقاء، الذي أقيم بالدائرة الباريسية 19 يوم الأحد 29 فيفري 2020، كل من “سيف الدين مخلوف” رئيس كتلة الكرامة، إلى جانب الأستاذ “عبد اللطيف العلوي” من نفس التيار، بالإضافة إلى الحقوقي التاريخي المحامي “سمير بن عمر” والباحث المتميز الدكتور “عادل سالمي” صاحب كتاب إدارة الطبيعة ” Administré la nature” وغيرها من الكتب والبحوث الدولية الهامة، إلى جانب الدكتور “سليم بن حميدان” الوزير السابق، يرافقهم النائب السابق “بشير النفزي”. وقد تراوحت الندوة بين السياسي والفكري، حيث تنوعت المقاربات بين التحليل والقراءة، وتفكيك الأسئلة الحرجة حول تنامي الخطاب الشعبوي، الذي عزاه الحقوقي “سمير بن عمر” إلى وجود مناخ مهيأ إلى استقبال هذه الظاهرة، التي باتت مؤرقة للحياة السياسية، كما تطرق إلى واقع السطو ” Le braquage”، الذي اعتبر تناوله إعلاميا فيه الكثير من المبالغة، التي مقصدها التهويل وبثّ الخوف، ومن جانبه تناول “سيف مخلوف” الوضع السياسي عموديا وأفقيا، منتهيا إلى القول أن الشق الثوري رغم كل العراعيل قد حقق انتصارا على الدولة العميقة، التي تملك ترسانة إعلامية ومالية، مبينا أنه من الخطأ الشائع لدى العامة، يغذيه إعلام متواطئ بأن ائتلاف الكرامة سيوزع النقود على الشعب حين يسترجع آبار النفط، وهذه مغالطة فنحن طرحنا ونطرح نهب ثروات البلاد للتحسيس، وأخذ المبادرة من طرف شرفاء البلد، وتغذية هذا المنحى في استرداد الحقوق المنهوبة، من جانبه تطرق الدكتور “سليم بن حميدان” إلى واقع الرشوة خارج الأطر الرسمية، وبنوع من التواطؤ الملثم لدولة، كما تناولت مقاربته أربعة محاور ثنائية المجتمع والدولة – ثنائيه السيادة والعولمة – ثنائية العولمة والتحديث – وثنائية الفساد والإرهاب. من جانبه تطرق الأستاذ “عبد اللطيف العلوي” إلى دور المثقف ومفهوم النخبة، وحالة الوعي المرتبط بالفعل والانجاز لصالح البلد والمجتمع، كما كان للباحث والمثقف “عادل سالمي” مداخلة حول الانتقال التنموي في تونس، الحدود والأفاق، ركز فيها على الشفافية وتطبيق القانون، والاستناد إلى النهج العلمي والمعرفي، والعمل على ترسيخ ثقافة المؤسسات وعقلية المواطنة، والاستناد إلى العمل الواعي بالمحيط والتحولات الدولية، وبدوره أخذت مداخلة النائب السابق “بشير النفزي” تحليلا جيوميتريا للوضع السياسي للبلاد، معرجا على عدة محطات فاصلة. ليليه الأستاذ “محمد هنيد” الذي حاول التطرق للوضع الإعلامي، الذي لم يكن في مستوى طموحات الثورة، وبقي في أغلبه مضادا للآمال المنشودة، رغم امتلاكه للقوة المالية التي وظفها توظيفا سلبيا،مناديا من موقعه إلى تكاتف كل الإعلاميين الأحرار في إنجاز فضاءات أخرى، تكنس حالة الوضاعة الإعلامية الرسمية والخاصة، لصالح ترشيد الوعي الثوري، وتثبيت عقلية المؤسسات وترسيخ ثقافة المواطنة..ليفتح بعدها النقاش ويعطى الميكرفون للمتابعين بالقاعة، التي فوجئ جميع من في المنصة بالحضور الكبير، وبالمستوى العالي للأسئلة، حيث كان الجمهورالمتابع لهذه الندوة طلبة وجامعين ومختصين في مجالات عدة، تجلى ذلك عبر طبيعة الأسئلة المطروحة، أو من خلال التعقيب المنهجي للمداخلات، لتكون هذه الندوة نقلة والتقاء بين البلد والمهجر، ضمن فعاليات تؤسس لتخصيب الرؤى لصالح الانتقال الديمقراطي في تونس، ضمن طروحات علمية، ومقاربات مستنيرة لا تغفل البعد الدولي والاقليمي، ولا تتعسف على هوية وامكانات المجتمع، وتشعّ على ما يفيد البلد..