وليعلم أهل الظلم والطغيان أنّ الظلم مهزوم يوما وإن فشى وعلا أيّاما وأنّ اللّه تعالى ناصر الحقّ وأهله يوما ،بهذه الكلمات الموجّهة إلى مهندسي مذكرة 6جويلية 2011 الظالمة والى كل النظار والمديرين الذين خذلوا زملاءهم نعود للحديث عن المظالم والمآسي التي خلفتها المذكرة ،ولتذكير الجميع نقول أنّ ما حصل يوم6جويليّة 2011 في وزارة التربية بعد الاتّفاق غير القانوني بين وزير التربية الرجل الحقوقي السيّد الطيّب البكّوش والنقابة العامة للتّعليم الثانوي والّذي يقضي بعزل قرابة 1450مديرا و600ناظر وإعفائهم من مهامهم دون وجود سبب قانوني والتبرير الوحيد الّذي قدّموه هو أنّ انتداب هؤلاء النظّار والمديرين كان يتمّ حسب الولاء لحزب التجمّع المنحلّ وقد حبّروا التقارير في زملائهم و العاملين معهم وحتّى في التّلاميذ، ولكنّ الممضين على محضر الاتّفاق لم يقدّموا البراهين والحجج على ذلك واعتمدوا على تصرّف فرديّ شاذّ ولم يجرؤوا على محاسبة أيّ مسؤول وتقديم ملفّ إدانته للقضاء رغم تصريح الكاتب العام للنقابة العامة للتّعليم الثانوي على أعمدة الصحف منذ صيف 2011 بأنّه يملك ملفّات إدانة كثيرة ، وما أظهر عنصريّة هذه المذكّرة وأكّد صبغتها الانتقاميّة هو اقتصارها على النظّار والمديرين في وزارة التربية دون ان يقع تعميمها على باقي المسؤولين من رؤساء مصالح ومديرين ومديرين عامين في صلب نفس الوزارة هذا إضافة أنّه لم يقع اتّباع نفس الإجراءات في بقيّة الوزارات فالمنطق والعدل يفرضان تطبيق هذا التمشّي في جميع الوزارات لأنّ انتداب جميع المسؤولين أصحاب الخطط الوظيفيّة يخضع إلى نفس الشروط بل يمكن أن نقول أنّ وظائف عديدة في مختلف الوزارات كانت تسند حسب الولاءات لا حسب الكفاءات -وحينها كانت جلّ النقابات في سُبات – فإذا أردنا إصلاحا حقيقيّا صادقا كان على هؤلاء أن يصرّوا على فتح ملفّات الفاسدين فعلا وملاحقتهم قضائيّا لا أن نقوم بإعفاء الجميع دون أيّ تحرّ أو تثبّت أو تفكّر إذن كان عليهم أن يدرسوا هذا الإجراء الخطير بحضور جميع أطراف العمليّة التربويّة ثمّ يُتّخذ القرار باتّفاق الجميع لا أن يقع اتّخاذه وراء أبواب مغلقة وبصورة انفعاليّة دون أيّ مراعاة أو اهتمام بالشرفاء ودون أيّ احترام لعائلاتهم وسمعتهم ، ثمّ يُصرّون على التمادي في الخطإ رغم الثغرات القانونيّة ورغم الاحتجاجات الكبيرة الّتي أثارها ولا يزال هذا القرار الغاشم إذ كان التأثير السلبي في البداية على النظّار والمديرين المظلومين والّذين تمسّكوا بكرامتهم ورفضوا المشاركة في هذا التناظر المشبوه والعنصريّ على أساس كيف يشارك مدير أو ناظر مثبت في خطّته وتقارير رؤسائه كلّها إيجابيّة سواء قبل أو بعد الثورة وعلاقاته متميّزة مع جميع العاملين معه في المؤسسّة التربويّة وعلاقات أبوّة وصداقة تجمعه بتلاميذه هذا إضافة إلى عدم ارتكابه أيّ خطإ إداريّ أو ماليّ بفضل المجهود الكبير المبذول من أجل الارتقاء بمستوى المؤسسّة وتحسين مردودها ، وقد ظهرت التأثيرات السلبيّة خاصّة على الّذين أحسّوا الضيم والقهر والتعدّي على حقوقهم فأصيب البعض باضطرابات نفسيّة خلّفت لهم أمراضا مزمنة كمرض السكريّ وارتفاع ضغط الدم حتّى أنّنا فقدنا زميلين في بداية عقدهما الرابع إثر تعرّضهما إلى نوبة قلبيّة حادّة بسبب الإحساس بالظلم وتنكّر الآخرين للتّضحيات السابقة وقد تكون خيانة بعض زملائنا لنا وضربهم لوحدتنا في الظهر لعبت دورا في ذلك كذلك . ثمّ شيئا فشيئا بدأت الآثار السلبيّة تظهر على مستوى المؤسسّات التربويّة عموما من حيث العلاقات بين مختلف الأطراف الفاعلة في العمليّة التربويّة فبتنا نسمع عن الخصومات المتكرّرة التي وصلت إلى حدّ العنف اللّفظي والمادّي بين الأستاذ والتّلميذ وبين الأساتذة أنفسهم وبين التّلاميذ ، ومن حيث التصرّف الإداري والمالي، ومن حيث الاهتمام بالجانب التربويّ والأخلاقي للتّلاميذ فكانت أن تأسست عادات جديدة تمرّد بمقتضاها التّلاميذ على كلّ ماهو قانون فارتُكِبت في الفضاءات التربويّة أعمال منافية للأخلاق العامة أثارت سخط الأولياء والمسؤولين والشواهد على كلّ هذا كثيرة ولا يستطيع أحد أن ينكرها . ولا يمكن أن ننسى ما خلّفته هذه المذكّرة من تأثيرات سلبيّة على ميزانيّة الدّولة كيف لا والفصل الثاني عشر من الأمر عدد 1257 لسنة 2007 يسمح لهؤلاء النظّار والمديرين الّذين تمّ عزلهم دون ذنب اقترفوه ودون سند قانوني بيّن ،بالتمتّع بمنحة الإدارة والامتيازات الأخرى طيلة سنة كاملة وإذا قمنا باحتساب المجموع لوجدنا مئات الملايين ستسحب من الخزينة العامة هذا إضافة إلى الأموال التّي يجب أن تُرْصَد لتكوين المسؤولين الجدد فضلا عن التّعويضات الّتي قد يطالب بها المظلومون الّذين رفعوا قضايا عدّة لدى المحكمة الإداريّة ، ولكن ما يؤرّقنا اليوم هو مماطلة المحكمة الإداريّة في تحديد موعد لانعقاد الجلسة فقد دخلنا العام الثالث منذ أن رفعنا الدّعوى ضدّ وزارة التربية في تجاوز السلطة ولم نجد أيّ تبرير لهذا التأجيل المتكرّر خاصّة وأنّنا تأكدّنا أنّ ملفّ القضيّة بات جاهزا وقد استوفى كلّ الإجراءات القانونيّة لذلك فنحن انطلاقا من هذه المساحة الإعلاميّة موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس هذا الموقع الذي لم يبخل في التعريف بقضيتنا ، نوجّه دعوة لإدارة المحكمة الإداريّة حتّى تهتمّ بهذا الموضوع الحيويّ بالنسبة لمئات المظلومين وتسعى إلى تحديد موعد قريب لانعقاد الجلسة حتّى يصدر الحكم العادل فينصرف كلٌّ إلى وجهته المحدّدة مهما كان الحكم، وكفانا إهدارا للوقت وللمال العام فهناك موظّفون عديدون من هؤلاء المظلومين لم يتمكّنوا من العمل في مجال تكوينهم بعد أن قضّوا السنوات الطوال في العمل الإداري . وفي الختام نقول أنّه رغم خيانة زملائنا وتفريطهم في كرامتهم ورغم خوف وهروب البعض الآخر من المواجهة ورغم الاستسلام للأمر الواقع من طرف زملاء آخرين ورغم اضطرار البعض للعودة لأسباب خاصّة ، فإنّنا نعتبر أنّ السكوت عن هذه التجاوزات الّتي اقترفها وزير التربية في ظلّ حكومة السبسي يُعدّ جريمة في حقّ الوطن وفي حقّ أجيال متلاحقة وفي حقّ عدد هام من المواطنين التّونسيين، والمنطق والوطنيّة يفرضان علينا مقاضاته وتحميله مسؤوليّة ما اقترفت يداه فلا مجال لغضّ النظر عن المتجاوز للقوانين والمتسبّب في إلحاق الضرر بهذا الوطن المكلوم وفي إهدار مال المجموعة الوطنيّة ، كيف يمكن أن نصمت على هذه الجرائم وعدد هام من أبناء وطننا يعانون الفقر والجهل والبطالة والحرمان من أبسط ضروريات الحياة في حين أنّ المذنبين ينعمون بالاستقرار ورفاهة العيش ، يجب أن نلغي من أذهاننا أنّ الوُزَرَاء والمسؤولين السامين لا يُحاسَبون ولا يقفون أمام القضاء ونتيجة لذلك ننسى المظالم الّتي ارتكبوها في حقّ الوطن والمواطنين ، فبفضل الثورة الّتي أخرجت الدكتاتوروأذلّت الدكتاتوريّة نستطيع أن نقول لكلّ مخطىء ومتجاوز ومتعدّ وظالم مهما كانت مسؤوليته السياسيّة أو الحزبيّة: قف كفاك ظلما واستهتارا واستهانة بحقوق الوطن والمواطنين ، وتأكّد أنّ الظلم لا محالة منقشع وأنّ لكلّ ظالم مستبدّ نهاية ، وكن متيقنا أنّك ماثل أمام القضاء العادل المستقلّ وأنّك ستمتثل لحكمه طال الزمان أم قصُر . عن النظار والمديرين الصامدين بصفاقس .