تواصلت ليلة الثلاثاء جلسة النقاش العام بخصوص حكومة مهدي جمعة وبيانها. وقد ركز بعض النواب في تدخلاتهم على حث مهدي جمعة على الالتزام بالحياد والاستقلالية، والتركيز على الملفات العاجلة على غرار معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية، كما طالبها البعض الآخر بالالتزام بخارطة الطريق. وفي هذا السياق قال النائب صالح شعيب "أريد لهذه الحكومة أن تدخل التاريخ بأن تعمل على استقلاليتها وتبتعد عن الضغوطات الحزبية وتكون فقط في خدمة تونس"، معتبرا أن الاعتصامات والإضرابات ناتجة أساسا عن تردي الوضع الاقتصادي، إذ "لا يمكن تحقيق الاستقرار السياسي والأمني إلا بتحقيق استقرار الوضع الاقتصادي"، حسب قوله. ولاحظ النائب أن فرض استقرار الوضع الأمني يتطلب "القضاء على الجمعيات التي تمول الإرهاب"،على حد تعبيره، كما أشار إلى أن المسار الانتخابي يتطلب "مراجعة التعيينات والتسميات" الحزبية. ومن جهته قال النائب رشيد القرقوري "دعمنا للحكومة مرتبط بمراجعة قانون المالية لسنة 2014 ومراجعة السياسة الخارجية لتونس وخاصة العلاقة مع سوريا، إذ أنه لا يمكن محاربة الإرهاب في تونس ودعمه في سوريا"، وتابع النائب قائلا "وأطالب في هذا السياق بسحب الثقة من رئيس الجمهورية لأنه المتسبب في هذه الأزمة". وطالب النائب محمد شفيق زرقين، مهدي جمعة بالكشف عن حقائق استغلال الثروات الطبيعية في تونس، وقال في هذا الإطار "اطلعت على اتفاقية تعود إلى سنة 1949 تمكن شركة فرنسية من استغلال الملح التونسي ب¬ "فرنك" واحد وهو أمر، رأى، أنه "غير مقبول وغير معقول". وأضاف قائلا "عليك أن تحسم بين تواصل الاستعمار الاقتصادي ونهب الثروة الوطنية وبين الاستقلال التام". ولاحظ النائب نجيب كحيلة أن الحكومات السابقة كانت تنتمي لأحزاب الأغلبية وبالتالي كانت في خدمة أحزابها أما هذه الحكومة فهي، حسب قوله، غير متحزبة وبالتالي يمكن اعتبارها حكومة الشعب، معتبرا أن هذه "الحكومة ستفشل إذا لم يقع مراجعة وفتح ملف التعيينات المشبوهة والاغتيالات". أما النائب هشام حسني فقد قال إن "رئيس الحكومة المكلف مهدي جمعة حمل مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية إلى الزيادة في الأجور والدعم وغيرها لكنه تناسى التهرب الضريبي الذي بلغ سنة 2013، ستة مليارات". كما اعتبر أن تركيبة الحكومة "خالفت خريطة الطريق"، مشيرا إلى تضمن تركيبة الحكومة لشخصية مطلوبة للمساءلة وفق قانون العدالة الانتقالية، وذلك في إشارة منه إلى وزير العدل المرشح.وأكد أنه "إذا ما تمت المصادقة على تشكيلة هذه الحكومة فإنه عليه أن يراجع تشكيلة حكومته". وبين النائب سمير الطيب أن حزبه المسار الديمقراطي الاجتماعي لم يختر شخصية مهدي جمعة "لكن مساندتنا له ستكون على قدر مراجعة التعيينات"، مشيرا إلى أن "تشكيلة الحكومة شابتها المحاصصات في وزارات على علاقة وثيقة بالانتخابات". ته شدد النائب سليم عبد السلام أنه يجب على الحكومة المكلفة تطبيق خارطة الطريق كما ينبغي عليها مراجعة منظومة التشغيل في الوظيفة العمومية، ومراجعة بعض أسماء الوزراء في هذه الحكومة على غرار وزير الشؤون الدينية. وقال النائب عامر العريض "نحن لم نشترط في هذه الحكومة إلا الحياد والاستقلالية، لكنه لا يعني حيادا في علاقة بأهداف الثورة والقطع مع النظام القديم. نحن نريد حكومة ووزراء ملتزمون بإنهاء المسار الانتقالي"، مؤكدا أن "نجاح هذه الحكومة هو نجاح لتونس". وأكد النائب كمال بن رمضان أن الحديث عن منوال تنموي وخطط اقتصادية هو عمل لا يمكن أن تقوم به هذه الحكومة الانتقالية، كما أن "ما ذكر في بيان الحكومة المكلفة من إصلاحات لا يمكن القيام به، وكان من الأجدر أن يركز رئيس الحكومة المكلف على الإجراءات لتجاوز صعوبات ميزانية 2014 ومكافحة التهريب"، على حد قوله. أما النائبة سامية عبو فقد اعتبرت أن تصويت أعضاء المجلس الوطني التأسيسي على الحكومة ليس بالأمر الهين لأنه يحملهم مسؤوليتها على حد قولها، وبالتالي طلبت عبو من رئيس الحكومة تأجيل التصويت على حكومته حتى يراجع أسماء بعض وزرائه ومنهم على الأخص وزير الشؤون الاجتماعية ووزيرة السياحة ووزير العدل وكاتب الدولة المكلف بالأمن. واعتبر هيثم بن بلقاسم (المؤتمر) ان الوعود التي قدمها رئيس الحكومة المكلف غير قابلة للتحقيق في الفترة المحددة لعمل حكومته والتي لن تتجاوز 10 أشهر حسب تقديره، داعيا الحكومة الى عدم الالتزام بإصلاحات جذرية "غير شعبية". كما طالب الحكومة بالالتزام بتنظيم الانتخابات قبل موفى سنة 2014 استجابة للاحكام الانتقالية وخارطة الطريق التي وضعها الرباعي الراعي للحوار، مشيرا من جهة اخرى الى أن تقديم الوعود بحل رابطات حماية الثورة لا يمكن تحقيقه خارج ما ينص عليه القانون. ومن جهته اعتبر جمال الطوير (التكتل) أن حكومة مهدي جمعة تتوفر على العديد من الضمانات التي تجعلها تعمل في كنف الثقة والاستقرار وأهمها أنها ستكون "حكومة دون معارضة" وبالنظر الى ما أسماه ب¬"الألفة بين المنظمة الشغيلة ومنظمة الاعراف"، بالاضافة إلى أنها ليست حكومة مهددة، بعد الترفيع في النسبة المعتمدة لسحب الثقة. وشددت فطوم لسود(النهضة) على ان جلسة اليوم ليست جلسة محاكمة، مذكرة بأن أعضاء الحكومة هم من الكفاءات التونسية بالخارج، والتي لا تحتاج وفق تقديرها إلى منصب سياسي في تونس بعد الثورة، داعية الى عدم التشكيك في وطنية أي من عناصر هذه الحكومة. وقال محمد البارودي (التحالف الديمقراطي) " لا يمكن أن نصدر حكما على حكومة بأكملها لمجرد وجود تحفظ على أحد عناصرها. كما شدد عدد من النواب على ضرورة أن يهتم رئيس الحكومة المكلف في برنامج عمله بملف الطاقة في تونس والتركيز أساسا على الوضع الاقتصادي ومراعاة الفئات الهشة والضعيفة والسير بالبلاد نحو انتخابات نزيهة وشفافة.