نظمت اليوم بعض الفعاليات المجتمعية بصفاقس تظاهرة احتجاجية انطلقت من أمام مقر بلدية صفاقس الكبرى بباب البحر تحت عنوان " يوم الغضب" وقد عبر المنظمون لهذه المظاهرة أن الهدف منها هو التعبير عن الغضب الكبير الذي أصبح يعتمل في نفوس سكان هذه الولاية التي ورغم ما تقدمه على المستوى الوطني من إسهامات كبيرة على مختلف الأصعدة ورغم ما تعانيه في صبر وصمت من ثلوث بسبب تركيز العديد من الصناعات الملوثة على ترابها إلا أنها بقيت مهمشة على كل الأصعدة… – بنية تحتية متخلفة خاصة على مستوى الطرقات. – تهميش تام على المستوى السياحي رغم ما تزخر به الجهة من إمكانات كبيرة لكن وقع تدمير جزء كبير منها بسبب ما تم تركيزه من صناعات ملوثة بالمدينة مما جعل السكان يعانون من التشرد كل صائفة بحثا عن مكان للاصطياف. – عدم وجود فضاءات للترفيه على غرار ما هو موجود بالعديد من المدن الكبرى الأخرى. – تهميش الولاية على المستوى الإعلامي فصفاقس ليس بها سوى إذاعة عمومية واحدة وليس لها قناة فضائية رغم مطالبة أبناء الجهة بتمكينهم من بعث مؤسسات إعلامية خاصة لكن دون جدوى. – التضييق على المستثمر التونسي وخاصة من أبناء الجهة من الاستثمار في العديد من المجالات خاصة منها مجال الطاقة بينما تفتح الأبواب على مصراعيها للأجنبي. – أزمة النقل الخانقة التي يعاني منها السكان وأصابتهم بالملل من الوعود الكاذبة ومنها "حربوشة المترو". – تهميش مطار صفاقس رغم مجهودات أبناء الجهة من أجل تنميته وتطويره. – على المستوى الصحي فرغم وجود المؤسستين الصحيتين الجامعيتين " الحبيب بورقيبة" و"الهادي شاكر" إلا أن الخدمات الصحية المقدمة لمتساكني الولاية على غاية من الرداءة إضافة إلى الاكتظاظ بسبب ارتياد كل المرضى من سكان الجنوب لهاتين المؤسستين اللتين لم تعودا قادرتين على الاستجابة بالشكل المطلوب لكل الطلبات. – تفاقم ظاهرة المصبات العشوائية وعدم رفع القمامة وتراكمها في الأنهج والشوارع مما حول المدينة إلى مصب كبير للفضلات. – تدهور الثروة السمكية بسبب التساهل مع المخالفين واللصوص وعدم حمايتها من جشع الباحثين عن الربح السريع. – نهب الثروات الباطنية للمدينة من نفط وغاز وملح دون أن ينال السكان منها شيء. هذا إضافة إلى العديد من المشاكل الأخرى التي تشترك فيها صفاقس مع بقية ولايات الجمهورية من بطالة خاصة لحاملي الشهائد والبيروقراطية وفساد إداري ومالي ورداءة الخدمات العمومية وغياب الأمن وتفشي ظاهرة السرقة والتحيل … كل هذه المعاناة جعلت من سكان هذه المدينة التي عرفت عبر التاريخ أنها مدينة هادئة ومسالمة وتقدس العمل ينتفضون… ليس من الآن فقط ولكن منذ العشرية الثانية لحكم "بن علي" بعد التأكد من زيف وعوده وقد برز ذلك الغضب بشكل جلي خلال مظاهرة 12 جانفي 2011 والتي هزت أركان حكم المخلوع. وهاهي اليوم صفاقس تنظم يوم غضب جديد تحاول من خلاله أن تبعث رسائل قوية للجميع خاصة ونحن على أبواب انتخابات رئاسية وتشريعية حاسمة وهامة في المنظور القريب. نرجو من الجميع أن يتلقوا هذه الرسالة بوضوح وأن يدركوا معانيها ويأخذونها بعين الاعتبار حتى لا يتسع الخرق على الرتق وتخرج الأمور عن السيطرة… لكن من ناحية أخرى …ماذا بعد الغضب ؟؟؟ فها قد خرج "الصفاقسية وعبروا عن تذمرهم ورفضهم لسياسات التهميش الممنهجة في حقهم وحق مدينتهم" منذ ما يزيد عن النصف قرن ثم ماذا؟؟؟ لا بد من ترجمة ذلك على مختلف الأصعدة وليس بالتظاهر في الشوارع ليوم أو يومين ثم ينتهي كل شيء وكأن الأمر مجرد ومضة إشهارية؟؟؟ المطلوب أن يعمل الجميع بالمدينة على رفع هذه المظلمة التي تعاني منها صفاقس وتتحول إلى قضية مصيرية ومحورية لكل أبناء وبنات الولاية وتصبح شغلهم الشاغل على كافة الأصعدة العلمية والثقافية والإعلامية والسياسية والتربوية …وذلك بتنويع التظاهرات والأنشطة والندوات التي تبين الواقع المرير الذي أصبح يعاني منه سكان الجهة وبلورة الحلول واقتراح البدائل..وأن توظف الجهة كل إمكاناتها البشرية والمالية والاقتصادية والديمغرافية….من أجل أخذ نصيبها من التنمية وفتح الآفاق أمام أبنائها من أجل دفع عجلة التنمية بها وأن يكون لها وزنها السياسي الذي يناسب حجمها لا أن تكون كما أريد ويراد لها أن تكون دائما الدجاجة التي تبيض الذهب ولا تصلح إلا مخبرا للتجارب ومصبا للنفايات؟؟؟ كما يجب التأكيد على ضرورة تطبيق اللامركزية واللامحورية خلال الانتخابات البلدية القادمة دون تلاعب أومراوغة بحيث يكون هذا المطلب من أكبر المطالب لسكان المدينة حتى يأخذوا بزمام المبادرة من خلال مؤسساتهم البلدية المنتخبة التي يجب أن توسع صلاحياتها وأن تتمتع بهامش كبير من الحرية في التخطيط والبرمجة والتنفيذ وأن يتم القطع نهائيا مع سياسات المركزية التي بان فشلها الذريع خلال التجارب الفارطة والتي جعلت من رئيس الدولة يتصرف بشكل فيه الكثير من المحسوبية والجهوية والتمييز بين الجهات مما سمح لجهات بعينها أن تنال نصيب الأسد من المشاريع والتنمية على حساب جهات أخرى مما جعل التونسيين في العديد من المناطق الداخلية والجنوبية وحتى تلك التي تطل على البحر مثل صفاقس وقابس ومدنين وجربة وباجة وجندوبة… يشعرون بالتهميش والمعاملة الدونية من طرف الدولة…. إن الغضب الانفعالي الغير محسوب لا فائدة منه ولا حاجة لنا به لأنه لا يقود إلا إلى التدمير الذاتي والهلاك… نحن مطالبون بغضب منظم مدروس ومؤطر ..يحقق لنا أهدافنا وأهداف إخوتنا من أبناء بقية ولايات تونسنا الحبيبة الذين عانوا هم أيضا مثلما عانينا من التهميش والاقصاء…وهكذا تشفى بلادنا من كساحها وتصبح قادرة على أن تطير بكل أجنحتها وتستفيد من كل طاقاتها وتزداد اللحمة بين كل أبنائها عندما يشعرون أنهم جميعا على قدم المساواة لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات…وأنه لا فرق بين جهة أو أخرى إلا بمستوى ما يقدمه أبناؤها من جهد وعرق …وتدخل حركية جديدة في البلاد ويتم خلق نوع جديد من المنافسة الشريفة والمحببة بين جهات وربوع الوطن ويتحقق التكامل المطلوب الذي سيضمن لنا الازدهار والتقدم والرفاهية التي نصبو إليها.