صفاقس : إفتتاح الصالون الأول للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة بمشاركة أكثر من 50 عارضا    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (المجموعة 2): المنتخب التونسي ينهزم أمام المغرب ويتعقّد موقفه في التأهل    ماذا في المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية ونظيره النيجيري؟    الليلة: أمطار غزيرة ورعدية مع تساقط كثيف للبرد بهذه المناطق    عاجل/ كشف هويّة الجثّة التي لفظها شاطئ بوجعفر    كرة اليد: نضال العمري يعزز صفوف الترجي في بطولة إفريقيا    وزير السياحة يتباحث مع نظيره الكونغولي سبل تطوير التعاون ودعم الربط الجوي    تحويل جزئي للمرور على مستوى مدخل المروج وفوشانة بداية من مساء الأربعاء    بطولة الرابطة الثانية: موعد المباريات    عاجل/ خرّيجو الجامعات ممّن طالت بطالتهم يحتجّون في ساحة القصبة    المحامي غازي المرابط: "مراد الزغيدي مسجون بسبب تحليلاته النقدية.. والقضية المثارة ضده لا تحمل أدلة مادية"    بشبهة مسك وحيازة مخدرات: الإبقاء على لاعب دولي في كرة اليد بحالة سراح    أنس جابر تعود لملاعب روما في هذا الموعد    عاجل/ نسبة إمتلاء السدود الى حدود اليوم الأربعاء    مؤشرات إيجابية للنشاط التجاري للخطوط التونسية للفترة المتراوحة من أكتوبر 2024 إلى مارس 2025    ليبيا ترفض ترحيل مهاجرين من أمريكا إلى أراضيها    مطار قرطاج: ضبط كمية من الذهب وايقاف مسافرتين    سيدي بوزيد: انطلاق أولى رحلات حجيج الجهة نحو البقاع المقدّسة في هذا الموعد    أمينة الصرارفي تبحث واقع مراكز الفنون الدرامية وتدعو لترشيد النفقات    اجتماع تنسيقي بين وزارة الشؤون الثقافية واتحاد إذاعات الدول العربية تحضيرا لمهرجان الإذاعة والتلفزيون    نفوق 7 أبقار بالمهدية.. الاتحاد الجهوي للفلاحة يوضح    سيدي بوزيد: اللجنة المحلية لمجابهة الكوارث بسيدي بوزيد الغربية تنظر في الاستعدادات لموسم الحصاد وفي سبل التصدي للحشرة القرمزية    حي التضامن: القبض على 03 من مروّجي المخدرات وحجز كميات من الكوكايين والإكستازي    مركز البحوث والدراسات والتوثيق والاعلام حول المرأة ينظم تظاهرة فكرية ثقافية حول 'المرأة والتراث بالكاف    الديوانة التونسية تحبط عمليات تهريب قياسية: محجوزات بالمليارات    تحذير هام من الإستخدام العشوائي للمكمّلات الغذائية.. #خبر_عاجل    كيف تتصرف إذا ''لسعتك عقرب والا عضّتك أفعى''    طريقة فحص بطارية السيارة في المنزل: خطوات بسيطة لتجنب المفاجآت    كل ما تريد معرفته عن الازدواج الضريبي للتونسيين بالخارج    الزمالك يعلن إقالة مدربه بيسيرو    تونس: الحماية المدنية تدعو إلى الالتزام بإجراءات السلامة خلال رحلات التّنزه    حماس تدعو إلى ملاحقة قادة الكيان الصهيوني أمام المحاكم الدولية كمجربي حرب..#خبر_عاجل    اليوم في المسرح البلدي بالعاصمة: فيصل الحضيري يقدم "كاستينغ" امام شبابيك مغلقة    مصر وقطر في بيان مشترك: جهودنا في وساطة غزة مستمرة ومنسقة    هذه أسعار أضاحي العيد بهذه الولاية..    منظمة إرشاد المستهلك تعبّر عن انشغالها بشأن عدم تطبيق بعض البنوك للفصل 412 جديد من المجلّة التجاريّة    عاجل/ نفوق عدد من الأبقار ببنزرت..وممثّل نقابة الفلاحين بالجهة يكشف ويُوضّح..    أطعمة تساهم في خفض ضغط الدم دون الحاجة لتقليل الملح    وليد بن صالح رئيسا للجامعة الافريقية للخبراء المحاسبين    هام/ موعد اختتام السنة الدراسية..وتفاصيل روزنامة الامتحانات..    وزير التشغيل والتكوين المهني يدعو الى ترويج تجربة تونس في مجال التكوين المستمر دوليا    سامي المقدم: معرض تونس للكتاب 39... متاهة تنظيمية حقيقية    باريس سان جيرمان وأرسنال..موعد المباراة والقنوات الناقلة    وزارة الصحة: احمي سَمعِك قبل ما تندم... الصوت العالي ما يرحمش    عاجل : وزارة التجهيز تعلن عن موعد انتهاء أشغال تهيئة المدخل الجنوبي للعاصمة    تفعيل خدمات النفاذ المجاني للأنترنات بمطارات صفاقس وتوزر وقفصة وطبرقة وقابس    بطولة الكويت - طه ياسين الخنيسي هداف مع نادي الكويت امام العربي    قتلى وجرحى في قصف متبادل بين الهند و باكستان    الصين: روبوت يخرج عن السيطرة و'يهاجم' مبرمجيه!    هدف فراتيسي يحسم تأهل إنتر لنهائي رابطة الأبطال بفوز مثير على برشلونة    كوريا الشمالية.. الزعيم يرفع إنتاج الذخائر لمستوى قياسي ويعلن الجاهزية القصوى    المهدية: اختتام مهرجان الوثائقي الجوّال في نسخته الرابعة: الفيلم المصري «راقودة» يفوز بالجائزة الأولى    في تعاون ثقافي قطري تونسي ... ماسح الأحذية» في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما    قبل أن تحج: تعرف على أخطر المحرمات التي قد تُفسد مناسك حجك بالكامل!    دليلك الكامل لمناسك الحج خطوة بخطوة: من الإحرام إلى طواف الوداع    كل ما تريد معرفته عن حفلة ''Met Gala 2025''    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المشروع الثقافي بين غضب التشدد و توتر الاستئصال بقلم : الحبيب بوعجيلة
نشر في صحفيو صفاقس يوم 24 - 02 - 2012

مثلت زيارة ” الداعية ” وجدي غنيم زوبعة الأسبوع المنصرم في مشهد إعلامي وسياسي يقتات بشهية مفتوحة من “مخزون ” الضجة وإغراءاتها . و نستثمر سريعا لحظة الهدوء ” المؤقت ” للزوبعة الماضية لإبداء بعض ملاحظات هادئة قبل أن يغمرنا صراخ الزوبعة الموالية =
1/ أتفهم تماما حقيقة الوضع الانتقالي بعد الثورة و الانتخابات باعتباره وضعا تتغالب فيه قوى سياسية مختلفة تستثمر بلا هوادة كل المواضيع قبل أن تتوضح موازين القوة في صراع سياسي وفكري حقيقي يلتزم بقواعد اللعبة كما هو الأمر في ” الديمقراطيات المستقرة “. هذا التفهم لا يبرر أن تتحول بعض المواضيع الحساسة المتعلقة بالمشروع المجتمعي المنشود كقضايا العقيدة و الحداثة و الحريات إلى “ملطشة” يتداول نقاشها أشباه الصحفيين على شاشات و صفحات الإعلام ” الهاوي البليد ” . ويحسمها ببساطة بعض ” النشطاء ” السياسيين و الجمعياتيين و أنصاف الشيوخ ممن أخرجهم إلينا “المطر الأخير للثورة ” على الرصيفين العلماني أو المتدين . لقد أثبتت زوبعة الأسبوع الفارط حاجة المشهد الفكري و السياسي إلى أهله الحقيقيين من العلماء و المفكرين و مهنيي الإعلام الراقي و الساسة الفعليين ممن ضاعت أصواتهم في صخب السوق الحرة للثورة الكريمة و المتسامحة.
2/ بينت “عركة ” وجدي غنيم ما سبق أن نبهنا إليه في مقالات سابقة من أن الفرز السياسي في تونس والعالم العربي الثائر سيتم أساسا على قاعدة “السؤال الثقافي ” بامتياز ..الهوية و الحداثة ؟..الإسلام و الديمقراطية ؟ الدين و الدولة و المجتمع ؟ الحرية و المعتقد ؟..الأصالة و المعاصرة ؟..العقل و النقل ؟..الاستقلال و التبعية ؟..الخ الخ...لن يفعل الاخلاف غير استعادة أسئلة الأسلاف منذ صدمة “نابليون “.. قدرنا في عصر ثورة الحرية و الكرامة هو استعادة سؤال الإصلاح و النهضة منذ الأفغاني وعبده و الطهطاوي و الكواكبي و الحداد وصولا إلى حنفي و أركون و الجابري و أبي يعرب و الغنوشي و غيرهم ممن قضى نحبه أو ينتظر . من المحزن حقا أن يفسد علينا “غباء ” الإعلام البائس و ضجيج ” المتشددين ” و سطحية ” اللائكيين الهواة ” متعة الاستماع إلى التدخلات الرشيقة النادرة لحوزة الفكر الإسلامي أو العلماني التي أصمتها صراخ ” البسطاء ” على الجانبين .
3/ اكتشفت بمعايناتي التي لا ادعي بلوغها مرتبة الاستقصاء العلمي أن عنتريات ” السطحيين ” من أدعياء العقل و الحداثة لم تمنع امتلاء قبة المنزه و المساجد بجموع “ناس” أقبلت على محاضرات ” الداعية ” بشغف غريب و لا يخرج الأمر في تقديري عن واحد من التفسيرات التالية =
ا)الفشل الذريع لإعلام فقد مصداقيته مما يجعل إصرار بعض الفرقاء على استثمار حظوتهم لديه حمقا مزمنا يحتاج إلى دواء حقيقي
ب)ضعف القدرات الاتصالية و ترهل المصداقية الرمزية للناطقين باسم ” العقل الفعال ” و انهيار أسلوب التوظيف البائس لبعض المشاكل في مناكفة الحكومة بداية من إشكالية “برنوس الرئيس المؤقت ” و تساقط الثلوج في عين دراهم وصولا إلى خطر ختان النساء في عصر الأحوال الشخصية .
ج)حجم التوجس الشعبي من الطرح المبسط للمسالة الدينية بعد عقود خمسة من ” بركات الدولة البورقيبية ” الأصلية و المعدلة أو الموعودة . أصبح المزاج الشعبي العام خائفا من تدخل ” السياسيين ” و ” المدنيين ” و أصحاب ” الياقات البيضاء ” في شؤون عقيدته و أصبح طيف واسع من بعض الشباب بعد الثورة مجبولا على الإفراط ” في “حريته الدينية ” ومعاندة ” العقلاء المدنيين ” حتى وان صرحوا بأنهم مسلمون لا يستهدفون دينه .مازال الجرح ” البورقيبي ” و “النوفمبري ” نازفا في المسالة الدينية . الم يخضع بورقيبة الدين باسم الحداثة ؟الم يطرد المجاهد الأكبر شيوخ الزيتونة ليستولي على حق تأويل الدين و يختزل في شخصه ” الزعامة و الإمامة ” على رأي صديقنا لطفي حجي ؟الم يتحول إصلاحه الديني إلى استهزاء بالعبادات و تضييق عليها ؟الم يحول “بن علي” صراعه مع خصومه الإسلاميين إلى عملية استئصالية حولت المساجد إلى “كنائس ” تفتح بجداول الأوقات و يدخلها المصلون بعد أن ترسم أسماؤهم على كنشات المخبرين ؟ الم يتحول صراع المخلوع مع خصومه إلى تصحير مشهد ديني و تربوي باسم تجفيف المنابع فسكت علماء الدين الحقيقيين ليتولى أمره “موظفون”لا يقنعون أحدا فتسرب خطاب الفضائيات الدينية المتشددة ؟ انه عناد المجروحين الخائفين يا مولاي تتحول عناوينه من “وجدي غنيم ” أو “عمرو خالد ” إلى طاقية الهنود أو جلباب الباكستانيين ولن يتوقف هذا العناد حتى يفسح المجال في هذه الأرض إلى “وجديها” و “خالدها ” إذا سمح بذلك إعلام مكابر .
د/ الحداثة و العلمانية و فصل الدين عن السياسة و حرية المعتقد وغيرها من مفاهيم المدنية المعاصرة ستظل مربكة لن يفلح في الدفاع عنها وجوه و أقلام لم تستطع أن تقنع أو تقتنع بتصور آخر للعلمانية خارج تجربة الصراع الفرنسي المرير بين الكنيسة والحداثة ...لن تقنع هذه الوجوه و الأقلام بمشاريعها الثقافية مادامت مصرة على اتهام شعب حديث في غالبيته بأنه كان غبيا محافظا تورط في انتخاب ” حركة رجعية ” تحكمه الآن بمعية حزبين تابعين لا علاقة لهما بحداثة لا ينطق بها إلا ” اكليريوس ” المعارضة الخاسرة ..لن تقنع هذه الوجوه و الأقلام ما دامت لا تفعل غير ترصد زلات اللسان لتثبت ” قدامة ” الخصم وتصم ” اوذانها ” عن الحداثة الحقوقية المؤصلة في تصريحات رئيس الجمهورية المؤقت وقرارات وزير الثقافة المؤقت و لا تعير اهتماما لاجتهادات ” إسلاميين مؤقتين ” يصرون على مشاركة ” أنبياء الحداثة ” الأزليين في صناعة حداثة ممكنة أخرى ...لن تقنع هذه الوجوه و الأقلام ما دامت لا ترى المؤامرات الخارجية إلا في مظاهر ” تدين اقلي متشدد ” و تغمض عيونها اليقظة عن مؤامرات خارجية أخرى قد تختفي في جلباب بعض ” معارك التنبير السياسي ” وبعض إعلام الإثارة المفسد للحرية و التقدم الثوري ..
4/ و أخيرا هل تكون “عركة ” وجدي غنيم بأرباحها و خسائرها إيذانا بنهاية صراع ” القصوويات ” بألوانها المختلفة لينفتح الجدل في بلادي على حوار الوسطيات المنتجة ؟ ننتظر ونرى ...و إلى ملاحظات “عركة ” قادمة ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.