تابعت عبر إذاعة صفاقس خلال برنامج "نبض الشارع " ليوم 27/07/ 2015 حديثا عن الاستثمار في تونس وعن القطاع العام والقطاع الخاص وعن قانون المصالحة…. كان الحوار كله في اتجاه واحد…المنشطة والحضور والضيوف الكل يصب في اتجاه رؤية السلطة الحالية والحزب الحاكم للموضوع … لقد تحول البرنامج في فترة من فتراته إلى محاكمة للاتحاد العام التونسي للشغل وللقطاع العام وللعمال… والغريب أنه لم يكن هناك من بين الضيوف من يدافع عن وجهة النظر الأخرى ..فقد أفسح المجال فقط للحضور والضيوف أن يقدموا وجهات نظرهم ويوجهوا اتهاماتهم جزافا دون أن يعارضهم أحد حتى عبر الهاتف… شعرت بالضيق … وهي والحقيقة تقال ليست المرة الأولى التي ينتابني فيها شعور بالحنق والغضب والامتعاض من مثل هذه البرامج الموجهة … أخذت الهاتف واتصلت بالإذاعة… وطلبت المشاركة برأيي في الموضوع… تم ربطي بالإذاعة وبقيت أستمع إلى البرنامج عبر الهاتف وأنتظر… وجاء موجز الساعة الثالثة… ثم وبعد الموجز انقطع الخط…. وعاد البرنامج… حاولت التواصل مع البرنامج عبر "الانترنات" فتحت موقع البث المباشر لا وجود لصفحة تفاعلية فقط نقل مباشر من الأستوديو "تغزر بعينك واتموت بقلبك"… بحثت عن موقع المنشطة … بحثت عن موقع البرنامج.. لا شيء ..ربما العيب في أنني لا أحسن استعمال الحاسوب … تواصل الكذب والاستبلاه والمغالطة عبر البرنامج… وتواصل كيل التهم …. تواصل تزييف الحقائق… لم أعد قادرا على الاحتمال أكثر … منذ مدة أصبحت مقاطعا للقنوات الفضائية خاصة التونسية منها وأصبحت عندي حساسية من متابعة الأخبار أو البرامج الحوارية أو حتى المسلسلات فهل أقاطع الراديو أيضا… في أي زمن نحن؟؟؟ كيف لبرنامج مثل ذلك البرنامج الحواري السياسي الذي يتحدث عن موضوع هام مثل موضوع القطاع العام والاستثمار والمحاسبة والمصالحة أن ينقل وجهة نظر أحادية … وأن لا يفسح المجال لأحد أن يتدخل أو يعلق أو يبدي وجهة نظر مغايرة…. ضعرت بالضيم والقهر والحنق يستبد بي … مازال الإعلام عندنا يصر على أن يسمعنا ما يريدنا هو أن نسمع ويرينا ما يريدنا هو أن نرى… إنه يصر على قولبتنا وتسطيح فهمنا وإكراهنا على القبول بوجهة نظره … الحضور والمنشطة والضيف كلهم اتفقوا على أن المؤسسات العمومية هي مؤسسات فاشلة وغير مربحة وهي مصيبة على الاقتصاد الوطني وأن القطاع الخاص هو وحده من يتحمل عبئ رفع تحديات الاقتصاد الوطني والتنمية اليوم في تونس؟؟؟ أما عن أسباب تعثر القطاع العام حسب رأييهم فهو "تطرف " الاتحاد العام التونسي للشغل ورفضه لخصخصة هذا القطاع لأنه مرعوب من خسارة منخرطيه وقواعده العريضة الذي ينتمي أغلبهم إلى القطاع العام… كما أن الاتحاد يرفض أي تطوير للقاع العمومي ويكثر من الطلبات المشطة من أجل الهسمنة على القطاع العام؟؟؟ وقد قدم أحد الحضور مثالا على ذلك…حيث ضرب مثلا مع عمال النظافة في مطار وتونس وبعض المؤسسات الأخرى الذين كانوا يقدمون مردودا أفضل لما كانوا يتبعون الشركات خاصة"شركات المناولة" ولكن عندما تم ترسيمهم فإنه يرى نهم أصبحوا "كركارة" ولم يعودوا يقدمون نفس الأداء الذي كانوا يقدمونه في السابق عندما كانوا يتبعون القطاع الخاص… إن الحل حسب هؤلاء هو في إلغاء القطاع العام وفسح المجال أمام القطاع الخاص .. والتخلص من النقابات… حتى تتحول المؤسسات الاقتصادية من خاسرة إلى رابحة… أما عن المصالحة الوطنية فقد أجمع كل الأطراف أنها أكثر من ضرورية بل ذهب "سي "الزحاف" إلى القول بأنها جاءت جد متأخرة وأنه كان يجب القيام بها منذ 2012 كما كان يطالب هو شخصيا بذلك وأنه متأكد من أن المحاسبة لن تتم في كل الأحوال.. لذلك فلابد من الإسراع بعقد المصالحة… حقا إن كلاما مثل هذا يجعلنا نشعر بمدى المأساة التي تعيشها بلادنا وبمدى حجم وعظم تغلغل مافيا السياسة والفساد والإعلام المظلل في مفاصل الدولة… وعلى مدى صعوبة إحداث تغيير حقيقي في بلادنا في المنظور القريب أو المتوسط… فرأس المال الفاسد والسلطة ومافيات التهريب وتبييض الأموال عندما تتحالف تصبح قوة من الصعب دحرها وهزيمتها بسهولة… لقد قفز السادة "رؤوف غربال و مختار الزواري وصلاح الدين الزحاف والمنشطة هدى الكشو خلال ذلك البرنامج ذي العين الواحدة والطعم الواحد واللون الواحد .. عن حقيقة أن سبب إفلاس وخراب المؤسسات العمومية كان السرقات والنهب الذي مارسه الحزب الحاكم والعائلة المالكة "البنعلية والطرابلسية" في حق تلك المؤسسات… وكيف أن العديد من الخبراء المحاسبين الذي كان رئيسهم حاضرا في البرنامج سببا في تسهيل نهب وتخريب العديد من المؤسسات الوطنية ونذكر هنا على سبيل المثال فقط "شركة "ستيا" لتركيب السيارات وشركة" ستيل" والخطوط الجوية التونسية"… لقد كانت التعيينات على رأس هذه الشركات تعيينات حزبية من طرف الحزب الحاكم المجرم وبطبيعة الحال اللص لا يعين إلا لصوصا أمثاله….وبهذا الشكل نهبت الشركات والمؤسسات العمومية ونهبت البنوك العمومية والتي تم تصفيتها لفائدة اللصوص… أو التفويت فيها للقطاع الخاص الذي لم يكتف بذلك بل قام بنهب البنوك العمومية وأفلسها وسرق عرق العمال وهاهو اليوم يريد الهروب من المحاسبة ويبتز التونسيين من أجل أن لا يهرب تلك الأموال المسروقة نحو الخارج ويقوم باستثمار البعض منها في الداخل… إن هذه الحكومة وكل تلك العصابة التي تريد طي صفحة المحاسبة إن نجحت في تمرير قانون"تبييض الأموال المنهوبة من الشعب التونسي تحت عنوان المصالحة فإن ذلك سيكون أكبر مصيبة على تونس والتونسيين وأكبر محرض ودافع لانتشار الفساد والرشوة والجريمة والإرهاب في البلاد… إنه سيكون بمثابة الضوء الأخضر أمام الجميع لإطلاق العنان أمام السرقة والنهب والفساد دون رادع من قانون أو سلطة… إن كانت الحكومة والدولة تدافع عن اللصوص وتحميهم بالقانون من المحاسبة ..بل وأكثر من ذلك هي تقدم لهم التسهيلات ليسرقوا من جديد… فكيف ستقنع البقية بأن السرقة والفساد والتحايل وتبييض الأموال تعد من الجرائم؟؟؟؟ إن هذه الحكومة أصبحت تورج للفساد واللصوصية والسرقة عوض مقاومتها كما تدعي وإن الإعلام الذي ندفع نحن التونسيون نفقاته من جيوبنا يغلق علينا حتى باب المشاركة من أجل أن نعبر عن رفضنا وامتعاضنا من مثل هذه الممارسات ويفرض علينا وجهة نظر واحدة ويعمل على أن يغرق بلدنا في الفساد والدعارة والضحالة…. إننا وكما قلت آنفا ..ندرك أن المعركة صعبة وطويلة مع هذا التحالف "تحالف الفساد والمال والنفوذ والإعلام المتواطئ" ولكننا لن نرمي المنديل ولن نصمت… أغلقوا قنواتكم في وجوهنا… أغلقوا جرائدكم وإذاعاتكم دوننا وصموا آذانكم عن سماع أصوتنا … حاصرونا وأغلقوا في وجوهنا كل المنافذ لكننا لن نصمت ولن نرمي المنديل… هذا بلدنا .. هنا ولدنا وهنا نعيش وهنا سنموت وندفن .. وهنا لنا أبناء وآباء وأجداد…في نهاية المطاف أنتم تحملون ملايينكم وملياراتكم المسروقة وتفرون كالجرذان عندما تشعرون بالخطر .. أما نحن فإننا إما أن نحيا على هذه الأرض بكرامة أو نموت عليها بشرف…. واصلوا الاجتهاد في الكذب… لكن تأكدوا أن الكذب والباطل سينكشف مهما طال الزمن أو قصر وهذا ليس بكلامي إنه كلام الحق الذي قال عز من قائل" إن الباطل كان زهوقا" … قد تمررون بعض أو كل ما تخططون له اليوم.. لكن ثقوا أن ذلك لن يدوم طويلا لأن فشلكم سيكون ذريعا وسقوطكم سيكون مدويا… عبد العزيز الرباعي إضافة : كل ذلك السب والشتم والتبخيس لقيمة القطاع العام وكل ذلك الاصرار على ضرورة التفويت فيه للقطاع الخاص حتى يتطور ويصبح أكثر مردودية جاء من داخل مؤسسة عمومية وهي مؤسسة الإذاعة التونسية التي تعود إذاعة صفاقس إليها بالنظر… وهنا أنا أريد أن أسأل المنشطة "هدى الكشو" إن كنت تحملين كل هذا الكره للقطاع العمومي فما الذي يجبرك على العمل فيه… فالقطاع الخاص أولى بكفاءة في قيمتك وحجمك… وعندها ستحققين أرباحا أكثر لك وللإذاعة التي ستعملين بها كما أكدت ذلك في برنامجك… فإن كنت صادقة مع نفسك ومع جمهورك فاتركي القطاع العام واذهبي للعمل في القطاع الخاص…. عندها يمكن أن نصدقك…