تونس (وات) - يسود الهدوء حديقة "حقوق الإنسان" المجاورة لمقر الهيئة العليا للمستقلة للانتخابات مساء الخميس في رابع أيام الإعلان عن النتائج الجزئية الأولية بعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات الشبابية. وكانت الحديقة والشارع المؤدي إلى مقر الهيئة قد شهدا خلال الأيام الماضية احتجاجات طالب فيها محتجون بالنظر في العديد من التجاوزات التي يقولون أنها ارتكبت خلال يوم الاقتراع الأحد الماضي من طرف حزب "النهضة" ومن قبل أطراف أخرى أيضا، حزبية ومستقلة. وتبدو أراء الأشخاص التي إلتقتهم (وات) في محيط شارع محمد الخامس في مجملها غير مكترثة بصدور نتائج الفرز في شكلها النهائي بقدر ما يتطلعون إلى تنفيذ برامج الأحزاب والمرور إلى مرحلة الاختبار. وتعتقد فاطمة (طالبة) أن الانتخابات جرت بشكل جيد لكن النتائج لم تجب على مطالب الشعب التونسي وأبدت تخوفها من "تطبيق الشريعة الإسلامية على جميع المستويات" وان يتم "المساس بحريتها الشخصية". وترى زميلتها دنيا ان النتائج قد حسمت منذ اليومين الأولين وأنها تخشى مما أسمته "التناقضات في خطاب النهضة". من ناحيته قال "معاذ" (خريج جامعة عاطل عن العمل) والذي يتطلع إلى أن يتوفر له موطن شغل، "إن فوز النهضة أمر لم يفاجئه في ضوء ما يطالعه بالجرائد ويتصفحه على المواقع الالكترونية"، لكنه لم يكن يتصور فوز قائمة العريضة الشعبية بمقاعد في التأسيسي. وأكد محمد (نادل بمقهى) انه ينتظر فعلا النتائج النهائية ويأمل أن "تحسن النهضة وضعية البلاد أكثر" ويتمنى أن "تعيش الأجيال القادمة في ظروف أفضل وان تتقلص نسب البطالة وتتوفر موارد الرزق". وشدد أمين (موظف بشركة خاصة) على عدم انتمائه السياسي لكنه قال إنه يؤمن بفكرة ان يتولى "أناس أكفاء إدارة البلاد مع أخذهم العبرة من التجارب السابقة" مؤكدا أهمية تنمية الجهات حتى لا يتكبد أبناء المناطق الداخلية عناء النزوح من مواطنهم الأصلية للعمل في العاصمة وغيرها. من جهته أبدى محمد علي (وكيل سياحي) تخوفه من عدم وفاء "النهضة" بوعودها في المجال السياحي متمنيا أن تكون الأطراف التي ستشكل الحكومة المقبلة على قدر المسؤولية مطالبا من ناحية أخرى "بالقطع مع عقلية التواكل وبإدخال إصلاحات جذرية على الإدارة ومراجعة الجرايات في اتجاه الترفيع فيها". أما خولة (موظفة ببنك) فقد نفت تخوفها من أن تمس "النهضة" بمجلة الأحوال الشخصية مؤكدة أن عديد المسائل المرتبطة نشاطها المهني على غرار الفوائض البنكية التي يعتبرها الإسلاميون "ربا" هي مواضيع لن تطرح خلال الأشهر القادمة لان "النهضة" ستحتاج إلى بعض الوقت لتركيز طرق عملها. ولفتت إلى أن المواعيد الانتخابية المقبلة (رئاسية، تشريعية، بلدية) ستتيح للكثيرين مراجعة آرائهم ومواقفهم بشأن الأحزاب التي اختاروها هذه المرة. وستسدل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الستار على الساعة الثامنة من مساء اليوم على أول انتخابات وصفها ملاحظون دوليون بالشفافة فتحت باب التأسيسي أمام عديد القوى السياسية لإدارة البلاد والعمل على إعادة الأمل للمواطن التونسي في بناء ديمقراطية حقيقية وتكريس مبادئ الحرية والكرامة والعدالة التي قامت من أجلها ثورة 14 جانفي.