تونس (وات)- انطلقت صباح ،الخميس، بالعاصمة فعاليات المؤتمر الخامس والثلاثين لمنتدى الفكر المعاصر الذي تنظمه مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بالشراكة مع مؤسسة كونراد اديناور بتونس حول موضوع "الثورة التونسية: بداية تحول لحقبة جديدة في البلاد العربية" وذلك أيام 8 و9 و10 ديسمبر الجاري. وابرز الدكتور عبد الجليل التميمي رئيس مؤسسة التميمي للبحث والمعلومات بالمناسبة عمق الثورة التونسية التي تعد نقطة مفصلية في التاريخ العربي بتلقائيتها وعدم ارتباطها بايدولوجيا أو سياسة أو تنظيم ملاحظا انها كانت، بما حملته في طياتها من بشائر التغيير والقطع مع الاستبداد، الشرارة الأولى التي صنعت الربيع العربي وأججت الثورات الشعبية بأرجاء الوطن العربي. وأضاف أن ما يميز الفترة الراهنة من حالات الوعي المجتمعي الحاد واليقظة لدى الإنسان العربي، إنما هو من منطلق الإحساس بالغبن والتهميش والتغييب عن المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي نتيجة ما ينخر الدولة وهياكلها من فساد وما تتسم به النظم الأمنية من هيمنة عملت طيلة عهود على محاربة القيم والثوابت رافضة للديمقراطية ولمبدأ التداول السلمي على السلطة "وهي جوهر المطالب التي قامت من اجلها الثورات العربية". من جهته حيا كلاوس لاوتزير الممثل الإقليمي لمؤسسة كونراد اديناور بتونس والجزائر الثورة التونسية معتبرا إياها منطلقا حقيقيا لإرساء الديمقراطية في تونس والقطع نهائيا مع النظام الاستبدادي معتبرا أن المسار الديمقراطي يتطلب بعض الوقت ليتبلور بصفة جلية في العقليات والمؤسسات والهياكل المجتمعية. وأوضح أن نجاح الانتخابات التونسية وما اتسمت به من شفافية وجدية يمثل نجاحا لحقبة جديدة تفتحها تونس على درب الديمقراطية والحريات مؤكدا أن مؤسسة كونراد اديناور وشركاءها في العالم تسعى جاهدة لدعم هذا المسار والإسهام فيه بكل فاعلية في إطار التعاون المثمر والبناء في مجالات عدة خاصة منها البحث العلمي والفكري. وبين السيد مصطفي كمال النابلي محافظ البنك المركزي التونسي أن تجربة الانتقال الديمقراطي والاقتصادي في تونس تقف اليوم في مفترق الطرق بين طريق مؤدي إلى النجاح وطريق منحدر نحو التأزم والركود الاقتصادي. وأشار إلى الوضع الاقتصادي الحرج الذي تعيشه البلاد اليوم حيث يتوقع ان تكون نسبة النمو الاقتصادي في السنة الأولى حوالي الصفر وان تبقى مختلف المؤشرات الاقتصادية صعبة سواء في مستوى التشغيل او وضع المؤسسات الاقتصادية او المالية العمومية او الدفوعات الخارجية. وعبر عن تفاؤله بإمكانية أخذ المنحى الايجابي في تطور الوضع الاقتصادي اذا تم العمل على استرجاع الثقة لدى كل المتدخلين الاقتصاديين إلى جانب اتخاذ القرارات اللازمة لدعم الاقتصاد من جهة والمحافظة على التوازنات المالية من جهة أخرى. وأفاد ان أهم عامل من عوامل نجاح المسار الاقتصادي هو إرساء الحكم الرشيد باعتباره مركزا أساسيا لما يفرزه من تحول مؤسساتي يطمئن المستثمر ويساعد على دفع النمو مشيرا إلى ان توازن السلط والشفافية والمساءلة تعد من ابرز مقومات الحكم الرشيد حيث تكون مشمولات مختلف الهياكل والمؤسسات واضحة ومتوازنة وتكون ادراتها خاضعة لمعايير الشفافية التي تمكن من تقويم ادائها واصلاحها عند الضرورة. وفي جانب آخر شدد على ضرورة الحذر من اتساع الهوة بين تطلعات الشباب العاطل عن العمل والامكانيات المتاحة لخلق مواطن شغل وبين ان هذا الإشكال يتطلب اجتياز مسلك ضيق وصعب يمكن من بداية جدية لحل الإشكال وفتح الآفاق دون اللجوء الى الحلول السهلة كالانتداب من طرف الدولة بما يفوق الحاجيات وما قد ينجر عنه من تقويض لأسس الاستقرار المالي. ويتضمن برنامج المؤتمر مداخلات ومحاضرات لنخبة من الجامعيين من تونس ومن الخارج حول مسائل متعلقة بالثورة وتداعياتها الفكرية والسياسية ودور المثقفين والحقوقيين والنخب في إنجاح الثورات.