تونس (وات) - لاحظ أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية والخبير لدى الاتحاد العام التونسي للشغل عبد الجليل البدوي أن المنظمة الشغيلة تقف اليوم أمام فرصة تاريخية من المفروض أن تفتح المجال لإعادة النظر في نمط التنمية في اتجاه أكثر عدالة ليس فقط بين الجهات بل وكذلك بين الفئات. وبين في تصريح ل"وات" عشية انعقاد المؤتمر 22 للاتحاد بأن الطبقة الشغيلة أصبحت خلال السنوات المنقضية ضحية تفاقم الفوارق في ما يتعلق بتوزيع الثروة والعبء الجبائي، وانتشار أنماط التشغيل الهش، وتدهور الخدمات الاجتماعية وهو ما يجعل الاتحاد اليوم أمام منعطف تاريخي وحاسم سيما بعد ثورة 14 جانفي لإعادة النظر في دوره على الساحة خاصة على مستوى مراجعة منوال التنمية. وشدد على ضرورة أن يفرز المؤتمر ال22 قيادات قوية وذات مصداقية، قادرة على تحقيق الالتفاف حولها وعلى التأثير في موازين القوى التي أفرزتها الثورة، أما إذا لم يوفق في ذلك، فان الاتحاد يكون حسب رأيه قد أهدر مرة أخرى فرصة أن الاضطلاع بدوره كشريك فاعل صلب المنظومة الاجتماعية والسياسية بالبلاد، بعد أن سبق له أن أهدر أول فرصة له أواخر الستينات أثناء عملية التعاضد، وأخرى أواسط الثمانينات عندما تم " تدجينه لتمرير خيارات ليبرالية". ولم يخف البدوي مخاوفه من إمكانية تهميش الاتحاد خلال المرحلة القادمة واستغلاله فقط للحفاظ "على نفس مصالح الطبقة المهيمنة من الأثرياء ورجال الأعمال " سيما وان المؤشرات المسجلة على ضوء الاستعدادات لعقد المؤتمر ونوعية الترشحات للمكتب التنفيذي تدل على وجود"حرب مواقع بين المترشحين وليس حرب مواقف وبرامج" وهو ما يعكس حسب تقديره نفس منطق المحاصصة و"تقسيم الكعكة" الذي عرفته الساحة السياسية بعد انتخابات 23 أكتوبر المنقضي. وأوضح أن الفترة القادمة تستدعي من الاتحاد أن يكون له سند سياسي لتجسيم نظرته المجتمعية، خلافا للماضي عندما كان يتعامل معه كوسيلة وليس كطرف قائم بذاته. وحول مدى قدرته على الحفاظ على مكانته على الساحة الوطنية في ظل التعددية النقابية بعد ان كان لعقود الطرف الاجتماعي والمحاور الوحيد، أكد عبد الجليل البدوي أن الاتحاد العام التونسي للشغل سيبقى محافظا على مكانته ووزنه ودوره ، خاصة وان "منافسيه لا يتمتعون بنفس رصيده النضالي ". وأضاف في هذا السياق أن قيادات التنظيمات النقابية الجديدة غير "مؤهلة" للتوسع واستقطاب المزيد من المنخرطين والأنصار نظرا "لتاريخها" وباعتبار أن من تم اكتسابهم من منخرطين" هم من أعضاء الشعب المهنية الذين لجؤوا إلى هذه المنظمات كملاذ بعد حل الحزب الحاكم" مستدركا أن ذلك لا يمنعهم من أن يكونوا مصدر مناورة من قبل بعض نقابيي الاتحاد الذين لا يجدون حظوة صلبه. ولمواصلة تدعيم دوره الريادي المعهود سواء على الساحة الوطنية او الإقليمية والدولية فان الاتحاد مطالب حسب عبد الجليل البدوي، وفي تناغم مع مسار الانتقال الديمقراطي الذي تعيشه تونس، بإعادة هيكلته وتحديد مساراته في اتجاه أكثر ديمقراطية وشفافية داخله، ونحو مزيد من لامركزية القرار ونضالية أكثر واهتمام بالملفات الاجتماعية والنقابية، مع ضمان استقلاليته تجاه كل السلط، موضحا أن دوره الخارجي وحجمه يبقى رهين دوره ومكانته على الصعيد الوطني. وأشار إلى وجود مخاوف من اختيار القيادات الجديدة للمنظمة الشغيلة على أساس اعتبارات سياسية وتوازنات بين مختلف الحساسيات القائمة في الساحة الوطنية، وذلك في ظل تخلي القيادات القديمة صلب المكتب التنفيذي (9 من جملة 13) عن مهامها، بعد أن استوفت حقوقها في فترات الترشح. وحذر البدوي من مغبة إعادة نفس المشهد الذي عاشته تونس خلال انتخابات 23 أكتوبر، في المؤتمر 22 للاتحاد، باعتبار أن الرأي العام النقابي والوطني يبحث عن القطيعة مع الماضي ويطالب بها، موضحا في هذا الصدد ان ما يروج له من وجود قائمة وفاقية تنسب إلى عبد السلام جراد يقال انها تتركب من "البيروقراطية النقابية واليسار" قد تتسبب في إعادة هذا المشهد وشدد على ضرورة تفادي هذا الوضع بالتقدم للانتخابات عبر قائمة تتكون من مستقلين معروفين "بنزاهتهم ونظافة اليد وغيرتهم على استقلالية الاتحاد".