تونس 13 جانفي 2010 (وات) - كرم المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون /بيت الحكمة/ يوم الاربعاء بمقره بضاحية قرطاج الشاعر الجزائرى الكبير مفدى زكرياء 1908/ 1977 من خلال يوم دراسي حضره عدد هام من أهل الثقافة من تونسوالجزائر إلى جانب أفراد من عائلة الفقيد. ولدى اشرافه على الجلسة الافتتاحية لهذه التظاهرة أبرز السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث ان هذا اليوم الدراسي يندرج في سياق تقليد حميد أرسى دعائمه الرئيس زين العابدين بن علي لاحياء الذاكرة وتأصيل الكيان وتكريم الاعلام والمنارات التي أشعت من أبناء تونس والوطن المغاربي والعربي الكبير. وأضاف أن هذا اليوم يتيح الفرصة لمزيد التعمق في أدب الفقيد ومسيرته والاحتفاء بعبقريته مثلما احتفت تونس بعبقرية الشابي والدوعاجي والشيخ محمد الفاضل ابن عاشور. وأشار الى ان بين تونسوالجزائر الشقيقة تاريخ نضالي وثقافي وحضارى مشترك بل ان بعض منارات الثقافة التونسية هم من أصول جزائرية على غرار الزعيم المناضل عبد العزيز الثعالبي والاديب الصحفي محمد العريبي والمؤرخ احمد توفيق المدني وقد تخرج من جامع الزيتونة المعمور العديد من رجال الحركة الوطنية الجزائرية من بينهم الشاعر مفدى زكرياء الذى قضى جزءا من طفولته وشبابه بتونس وتلقى معارفه الاولى في الجامع الاعظم. ولاحظ ان قريحة المحتفى به الشعرية تفتقت في تونس فهو من رثى شاعر تونس الخالد ابو القاسم الشابي ومدح زعماء البلاد بدءا بعبد العزيز الثعالبي وصولا الى الحبيب بورقيبة وتغنى بتونس الخضراء وكان جزءا من المشهد الثقافي الوطني التونسي . وقد نشر الشاعر بواكير انتاجه الادبي في الجرائد والمجلات التونسية ومن ضمنها /لسان الشعب/ و/النهضة/ و/الوزير/ و/النديم/ و/الوطن/ و /الاسبوع/ وغيرها من الدوريات الصادرة في عشرينات القرن الماضي وثلاثينياته وأصبح رمزا من رموز الحركة الادبية في تونس وعلما من أعلام الشعر متخذا من الكلمة وسيلة للنضال ضد الاستعمار الذى سعى الى طمس الهوية المغاربية. واكد الوزير ان مفدى زكرياء كرس جل شعره وأجمل سنين حياته للنضال مع أبناء الجزائر من أجل تحرير وطنه فسجن مرارا وكان صوت الثورة الجزائرية المدوى في المحافل العربية وكان أيضا شاعر الاخوة التونسيةالجزائرية اذ أهدى ديوانه الثاني /تحت ظلال الزيتون/ الى تونس. وشدد على ان احياء تونس لذكرى هذا الشاعر الكبير يأتي لتأكيد أهمية الروابط الاخوية والتاريخ المشترك الذى يجمع بين تونسوالجزائر وسائر أقطار المغرب العربي. وتناول الكلمة قبل ذلك السادة الاخضر الابراهيمي وزير وسفير جزائرى سابق والهادى البكوش الوزير الاول الاسبق وسليمان الشيخ نجل الراحل مفدى زكرياء. و نوه السيد الاخضر الابراهيمي بمبادرة /بيت الحكمة/ تكريم هذا الشاعر الجزائرى الذى أحب تونس وأهلها وعشق جمال طبيعتها مبرزا انه عاش ومات مناضلا من اجل تحرير بلاده والمغرب العربي وضحى من اجل ذلك بالكثير وقد سعد بتحقيق الهدف الاول المتمثل في طرد المستعمر من جميع اقطار المغرب العربي. ومن جانبه استعرض السيد الهادى البكوش محطات من نضال المحتفى به وكفاحه من اجل عزة الجزائر واستقلالها من خلال نشاطه ضمن جمعية نجم شمال افريقيا التي اخذت على عاتقها تحرير البلاد من سيطرة الاستعمار واسترداد السيادة على ارض الجزائر مبينا انه أحب تونس والمغرب وتعلق بهما واعتبرهما دوما جزءا من بلد واحد وكان مناضلا مغاربيا بالشعر والسلوك والمواقف. وجاءت كلمة نجل الفقيد الاستاذ سليمان الشيخ موءثرة استهلها بتوجيه تحية اكبار وعرفان للرئيس زين العابدين بن علي لرعايته السامية لهذه التظاهرة وأبرز ان والده كان مدينا لتونس وعلمائها في تكوينه وتفتقت موهبته الشعرية بمصاحبة شعراء تونسيين على غرار محمود بورقيبة وابو القاسم الشابي وكانت له روابط صداقة متينة في الوسط الادبي والفني حيث كان من محبي الاستماع لاغاني الهادى الجويني وعلي الرياحي وفتحية خيرى وشافية رشدى وطلب من الموسيقار محمد التريكي تلحين النشيد الوطني الجزائرى /قسما/وهو من تاليفه . والى جانب متابعة جملة من المداخلات القيمة حول نضال مفدى زكرياء من أجل وحدة المغرب العربي وصورة تونس ورجالها في شعره يمكن للحاضرين في اليوم الدراسي الاطلاع على معرض يتضمن وثائق وصورا حول المحتفى به ومشاهدة شريط وثائقي عن حياته.