تونس (وات) - امراة في الخمسين من عمرها تعمل جاهدة على تنظيف احدى غرف المرضى في مستشفى الرابطة بالعاصمة حيث يقيم زوجها، تقوم بتغيير الاغطية ووضع وسادة نظيفة اخرجتها من حقيبة جلبتها من منزلها فى مشهد يكاد يكون عاديا فى الكثير من مستشفياتنا. هذه المراة ليست مجنونة قطعا لكن ما دفعها الى ذلك هو ان هذه الغرفة تشبه كل شيء الا غرفة في مستشفى يفترض ان تتوفر بها افضل شروط النظافة والوقاية، الغبار يغطي كل شيء تقريبا فيها، السرير والطاولة وكذلك الباب والنافذة والبقع السوداء تكسو الجدران والروائح الكريهة تغزو المكان. العديد من عائلات المرضى المقيمين ببعض اقسام مستشفى الرابطة تشكو من قلة النظافة في هذه المؤسسة الاستشفائية وتسعى بطرق مختلفة الى تجاوز هذه السلبية سواء من خلال تنظيف الاثاث او تغيير الاغطية او القضاء على الحشرات التي تقلق راحة المرضى. وافاد السيد مهدي الذي كان يرافق اباه المريض ان الحديث عن موضوع النظافة فى المستشفيات التونسية نسبي واجمالا مستوى النظافة فى مستشفى الرابطة مقبول قائلا/ان بعض الاشخاص ليست لهم القدرة على نظافة بيوتهم فماذا نقول بالنسبة لمستشفى يعج بالوافدين يوميا من مختلف الجهات/. مستشفى الرابطة بالعاصمة الذي يعد احد اقدم المؤسسات الصحية والاستشفائية فى تونس يمتد على مساحة14 هك وهو يضم 42 بناية يتوافد عليها يوميا10 الاف شخص من مرضى وزائرين واطار طبي واستشفائي وعملة ومسدي خدمات وتناهز طاقة استيعابه الف سرير. وتؤمن هذه المؤسسة حوالي 380 الف عيادة خارجية سنويااي بمعدل 1267 عيادة في اليوم الواحد. وافاد السيد ابراهيم بوشريت مدير المستشفى انه من الصعب امام العدد الهائل للوافدين على هذا المستشفى ان يقع احترام مواصفات حفظ الصحة والنظافة كما يجب خاصة في اقسام الجراحة مشيرا الى ان عدد عملة النظافة بالمستشفى غير كاف بالمرة حيث لا يتجاوز 86 عاملا منهم 10 يعملون خلال الحصص الليلية. واكد قائلا/نحن لا ندافع عن المناولة التى تعتبر دون ادنى شك شكلا من اشكال استغلال اليد العاملة لكنها تسهم الى حد ما في سد الشغور الحاصل على مستوى العملة/ مضيفا/ان 86 عاملا يعملون حاليا للمستشفى يجري تسوية وضعيتهم المهنية والاجتماعية/. وبين انه الى جانب النقص الحاصل في عملة النظافة توجد مشاكل اخرى من بينها تقادم البنايات الذي يرجع تاريخ بعضها الى عشرات السنين مما يجعل من عملية الصيانة صعبة وتقتضي تعبئة موارد مالية كبرى. وذكر فى هذا الصدد ان طلاء بنايات المستشفى مرة واحدة فى السنة مثلا يتطلب اعتمادات فى حدود300 الف دينار علما وان الموءسسة تعتمد على مواردها الذاتية لتنفيذ بعض اعمال الصيانة حيث ان وزارة الصحة تتكفل فقط بصرف اجور الاطار الطبي وشبه الطبي وشراء التجهيزات الطبية الثقيلة وانجاز بعض المشاريع موضحا ان حوالي 85 بالمائة من ميزانية التصرف للمستشفى متاتية من مساهمة الصندوق الوطني للتامين على المرض. كما ان المستشفى يتكفل بصرف اجور العمال وفواتير المياه والكهرباء ومنحة العمل الليلي للاطباء والاطار شبه الطبي وصيانة اسطول السيارات التابعة له فضلا عن شراء الادوية والمستلزمات الطبية والصيدلانية التي تستنزف نصف ميزانية المستشفى تقريبا. وصرح يوسف القطاري طبيب رئيس قسم حفظ الصحة ان بعض الاشخاص الذين يفدون يوميا على المستشفى لا يبالون بالمحافظة على نظافة الاقسام والبنايات مشيرا الى انه يتم في بعض الاحيان اقتلاع الحنفيات الجديدة. واعتبرت سيدة تقيم في قسم الاطفال مع ابنها ان الزوار ومرافقي المرضى لا يهتمون بالمحافظة على نظافة المكان قائلة /فى احيان كثيرة نعتمد على انفسنا لتنظيف المكان الذي يقيم فيه اطفالنا نظرا لتكاثر الجراثيم/. وفى سياق اخر اضحى المستشفى منذ14 جانفي عرضة للاعتداءات المتكررة لبعض المرضى وعائلاتهم الذين يرفضون دفع تكاليف الاقامة متعللين بان الحق في الصحة يجب ان يحترم و/ان الثورة وقعت ليس لدفع مصاريف العلاج/، وتبعا لذلك يعاني المستشفى من صعوبات مالية مما دفع الادارة الى تاجيل صرف مستحقات المزودين. من جهة اخرى تامل ادارة مستشفى الرابطة ان يسهم استئناف اشغال بناء مركز المساعدة الطبية الاستعجالية قريبا فى الحد من تواجد الاشخاص غير المرغوب فيهم بهذه المؤسسة والذين كثيرا ما يعمدون الى سرقة محتوياتها.