تونس (وات) - بين حياة تحتضر وأخرى تبقي على بعض من الأمل، يحاول المسنون المقيمون بمركز رعاية المسنين بقرمبالية من ولاية نابل التأقلم مع قدرهم. خمسون من المقيمين المسنين لم يجدوا ملجأ سوى هذا المركز الذي احتضنهم بعد أن تخلت عنهم العائلة او غادرهم القرين او هجرهم الأبناء. فالمركز بالنسبة إليهم هو الملجأ والمصير المشترك، ولكل واحد منهم قصة غاية في الألم والحزن تعود تفاصيلها الى عمق الذكريات البعيدة، وحسرة على ظلم الحياة او تنكر الأقربين إليهم من ذويهم وأهاليهم. يقيم بالمركز الذي يفضل مديره نبيل سلامة تسميته ب"الدار"33 رجلا و20 امرأة تترواح أعمارهم بين 60 و98 سنة جاؤوا من مختلف جهات البلاد وتتوفر فيهم شروط القبول بالمركز على غرار هشاشة مستوى العيش والاحتياجات الخصوصية وفقدان السند العائلي. ويسعى الساهرون على هذا الفضاء الذي يحتوي على غرف للنوم وقاعة جلوس كبيرة وتلفاز، إلى تمكين المقيمين به من الإحساس بانهم في منازلهم وفق ما أكده مدير المركز. بعض المقيمين بهذا المركز ممن ابيضت رؤوسهم وانحنت ظهورهم وتجعدت وجوههم، تخلوا عن عد السنوات والساعات ولا يبحثون سوى عن نسيان ماض ثقيل.. يعيشون الحاضر فقط. وفي هذا المركز يسهر فريق على راحة هؤلاء وكل ما حرموا منه غير انهم يبقون في حاجة الى الإحاطة العاطفية حسب ما افادت به المنشطة "خولة" التي تتولى ايضا دور العاملة والمختصة النفسية بسبب محدودية عدد العاملين بالمركز. من جهتها قالت الممرضة سلمى بن عائشة ان "عملنا يتطلب الصبر والحس الانساني" مشيرة الى ان الدافع الإنساني عادة ما يكون وراء اقبال العديد من المواطنين على زيارة المركز وتقديم العون والمساندة المطلوبين. مجهودات لا تخفي النقائص أوضح مدير المركز ان الجهود التي يبذلها الفريق العامل دون هوادة لمساعدة هذه الفئة الهشة على العيش العادي والكريم، لا تخفي بعض النقائص على غرار غياب مختص في الطب النفسي بالرغم من حاجة المقيمين المتأكدة الى الراحة النفسية والى من يستمع اليهم ويخفف من معاناتهم، كما لا يتوفر بهذا المركز سوى عامل وحيد يسهر على نظافة 30 مسنا. كما يشتكي المركز من نقص المعدات التي تستجيب لحاجيات هذه الفئة ذات الاحتياجات الخصوصية وأبرزها سيارة إسعاف خاصة ان غالبية المقيمين هم من المعوقين. ومن ناحية أخرى، تقف طاقة استيعاب المركز المحددة ب55 شخصا حاجزا أمام قبول العشرات من المسنين الذين قامت بعض الهياكل الاجتماعية بتقديم ملفاتهم الى المدير في انتظار الموافقة. ويتولى فريق متنقل تابع للمركز التحول الى مختلف المناطق بقرمبالية للعناية بالمسنين داخل أسرهم الا ان معدل تدخلاته لا يتجاوز الأربعة مرات في السنة بالنظر لارتفاع عدد المسنين (210 حالة) ومحدودية الإمكانيات. وبينت لمياء حمزة العاملة صلب الفريق المتنقل ان الأوضاع الاجتماعية للأشخاص المتكفل بهم حساسة وغالبيتهم يشكون من ظروف اجتماعية ومادية صعبة.