مدنين (وات، روضة بوطار) "حياة في قطع".. هو عنوان فلم وثائقي يحكي حياة سميرة، الفتاة الباكستانية التي اختارت رفقة عائلتها ان تركب البحر في رحلة هروب من ليبيا، إبان الثورة الليبية على أمل أن يرسي بهم المركب بسواحل ايطاليا لكن رحلتهم كانت رحلة للموت غرق فيها المركب بمن عليه فغرق في عمق البحر خمسمائة راكب من جملة حوالي الف وخمس مائة. تفيق سميرة، بعد ان تم إنقاذها لتجد نفسها دون عائلتها وحيدة في مخيم الحياة برأس جدير ثم بمخيم الشوشة ...وتمضي 3 أيام، تستيقظ سميرة من كابوس كاد يقضي عليها فتفاجأ بعودة عائلتها كاملة، فتسترجع سميرة الأمل في الحياة.. حياة وإن كانت مريرة وصعبة داخل المخيم، لكن ما يخفف من وطأتها على سميرة، على حد قولها كونها /بين أحضان اسرتها/. كان ذلك قطعة من حياة سميرة سبقتها قطعة اخرى نقلها الفلم حول حياة عائلتها هناك في ليبيا اين ولدت وزاولت دراستها الابتدائية ثم الثانوية لتنهي دراستها الجامعية ببريطانيا في اختصاص الاعمال. وتتواصل قطع اخرى من حياة سميرة، البنت الباكستانية، قطع تحكي حياتها بالمخيم بكل جزئياتها وتفاصيلها دون حرج من الاخر المتفرج في هذه القطعة التي تدور احداثها بالمخيم.. تصور يوميات سميرة بين العمل وهي تمارس هوايتها وحتى عندما تتعرض لتوعك صحي او عندما تستعد قبل الرحيل الى المانيا لتلقي حصص في اللغة الالمانية. صورت سميرة حياتها في مخيم الشوشة في ربع ساعة هي مدة الفلم، الذي انجز بالتعاون بين المجلس الدانماركي لمساعدة اللاجئين والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، لكن وان اختزل حياتها لفترة وجيزة الا انها كانت طويلة على سميرة وصعبة تقول عنها سميرة /هي معاناة استرجعت فيها اطوارا صعبة من حياتي/ فبكت وهي ترصد كأي متفرج قصتها شأن اللاجئة الصومالية سامية التي قالت /دمعت عيناي وتمزق قلبي وأنا اتابع فلم سميرة/ وتضيف /حياة سميرة هي حياتي وحياة ابنتي سعيدة بل هي حياة كل لاجئي العالم/. أما سعيدة، الطفلة التي وحدها فرحت ومرحت فعاشت بطريقتها الاحتفال باليوم العالمي للاجئ، فلم تجد مكانا واحدا ليستوعبها لتجول في كل اركان فضاء دار الثقافة بجرجيس التي احتضنت هذه المناسبة وفرحتها كانت لأجل سميرة فهي تقول /أنا فرحانة علشان سميرة نجحت/. فسعيدة لا يشدها للحياة بالمخيم سوى ما نسجته من علاقات وروابط متينة مع اللاجئين وكل من ساعدها و/انقذها من الحرب في ليبيا ومن الحريق هناك/ حسب قولها. تخفي فرحة سعيدة وابتسامتها العريضة حزنا كبيرا داخلها استطاعت ان تخفيه ببراءة الاطفال، ولم ينكشف الا بقولها /أنا لن أفرح إلا عندما أغادر المخيم نحو أمريكا/، لتنقل بذلك رسالة كل لاجئ بالمخيم في هذه المناسبة من الاحتفال باليوم العالمي للاجئ.. رسالة مؤداها طلب الرحيل.. لبناء حياة جديدة /حتى وان كانت لا تساوي شيئا لكن لا شيء يساوي الحياة/ على حد تعبير احد اللاجئين الذي اضاف /لنحافظ على حياتنا ولنكتب قصة جميلة/. ولعل رسالة اللاجئين يشاركهم فيها كل المهتمين بشؤون اللاجئين في المخيم. فهلا الحوراني المسؤولة الاممية بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين تقول /ان اللاجئ شخص أرغم على أن يصبح لاجئا فلنساعده على إعادة التوطين ولتمارس الدول الكرم في أخذ أعداد من اللاجئين لأن الحياة صعبة بالمخيم/. ومن جهته دعا ياسين عباس، مدير المجلس الدانماركي لمساعدة اللاجئين بمخيم الشوشة المجتمع الدولي لان يكثف الجهود من اجل التخفيف من معاناة اللاجئين، قائلا إن المناسبة ليست للاحتفال انما للتذكير بوجود اكثر من عشرة ملايين لاجئ في العالم ينتظرون حلولا دائمة لا بد من منحهم الفرصة للمشاركة في كل تجليات الحياة وأن ننصت إليهم/. ولم يكن الفلم كاحد فقرات أثثت برنامجا متنوعا للاحتفال باليوم العالمي للاجئ ما حكى معاناة اللاجئ بل حمل المعرض لوحات فيها من الحزن الكثير وفيها أيضا من آلام اللاجئ الكثير، فرسم بصدق أحاسيسه قلبا ينزف وعينا تذرف، وفي جهة اخرى لوحات فنية لها ايضا من الجمالية نصيب مهم، حملت معها نفسا تفاؤليا لعل اللاجئ يواجه به صعوبة هذا المصير. كما انتظم معرض لابداعات اللاجئين في الخياطة بما اتيح لهم من امكانيات متواضعة. وعاش اللاجئ هذا اليوم يوما مميزا بمخيم الشوشة، ليس بما توفر له من وجبة غداء مميزة او مثلجات خففت عنه حرارة الطقس بل أيضا بفقرة اخرى بادر بها الهلال الاحمر التونسي هي اجواء من احتفالات الجنوب التونسي في العرس التقليدي بما يحتويه من عادات تقاليد كانت بالطبع غريبة على جنسيات اللاجئين وخاصة من الافارقة.