سيدي حسين (تونس) (وات/ الناصر المولهي)- سيتنقل سكان منطقة سيدي حسين بالعاصمة يوم الأحد في شوارع وساحات نظيفة على غير ما تعودوا عليه في المدة الأخيرة من تراكم قياسي للفضلات بفضل "جهد حثيث ورمزي" بذله تلاميذ مراكز تكوين وتدريب أعوان الأمن بالعاصمة إلى جانب متطوعين من المواطنين وأعوان من البلديات. فقد تجند حوالي 400 تلميذ وتلميذة في مجال حفظ الامن منذ الساعة الثامنة صباحا تحت أنظار ضباط تابعين للإدارة العامة للتكوين وواليي تونس وبن عروس للقيام بأعمال رفع الفضلات وتنظيف الشوارع والساحات بمعتمدية سيدي حسين - السيجومي مجسدين مفهوم شرطة القرب من المواطن الذي بدؤوا يتعلمونه حديثا ويجتهدون في تكريسه على أرض الواقع. وتوزع هؤلاء التلاميذ التابعون لمدرستي تكوين أعوان الأمن ببوشوشة وصلامبو ضمن مجموعات على عدة مناطق منها الجيارة وحي الفتح وشارع الحبيب بورقيبة والطرق الجهوية 37 و39 والعطار من منطقة سيدي حسين بأزياء شبه عسكرية حاملين أدوات تنظيف بسيطة وأكياس سوداء وواضعين كمامات وقائية على أنوفهم للعمل لعدة ساعات بكل نشاط وحيوية في جمع الفضلات المتناثرة هنا وهناك. وعلى شاكلة منطقة سيدي حسين اليوم شهدت عديد الولايات والمدن الكبرى منذ أسبوع تدخل المئات من أعوان الامن في طور التكوين في اطار حملة وطنية للنظافة لتعزيز جهد البلديات والنيابات الخصوصية التي تشكو أعمالها من الارتباك الناتج عن تغيير اطاراتها وقلة التجهيزات والاعوان. ويشارك في حملة النظافة بالسيجومي 250 عونا تابعون لمدرسة تكوين أعوان الأمن بصلامبو إلى جانب 150 عونا وفرهم مركز تكوين حفاظ الأمن ببوشوشة، حسب ما أفاد به المقدم محسن القاني مدير مركز التكوين ببوشوشة مضيفا القول "نحن نعمل على تقريب عون الأمن من المواطن وتخليص صورته من رواسب الماضي وهذه مناسبة جيدة لذلك كما ندرس هؤلاء التلاميذ ان رجل الأمن يسهر على الراحة العامة التي تشمل النظافة". ويتعلم تلاميذ مدارس تكوين أعوان حفظ الأمن أن الحفاظ على النظام العام يشمل الحفاظ على الصحة العامة والآداب العامة والسكينة العامة وجمالية المدينة وهي مفاهيم أصبح التونسيون في أمس الحاجة إليها وينشدونها خاصة بعد استفحال مظاهر التسيب منذ سنوات وتعدد الانفلاتات في مرحلة ما بعد الثورة. وقالت النقيب سلوى بن بريك رئيسة مصلحة التدريب والرياضة والملحقة من وزارة الدفاع الوطني منذ سبع سنوات بالإدارة العامة لتكوين أعوان الأمن انه "من خلال هذا العمل الرمزي الذي تشارك فيه 50 فتاة من تلاميذ حفظ الامن نريد أن يشعر المواطن أن تغييرا يحصل في سلك الأمن بشكل متواصل وسيستمر إلى حد القطع مع الماضي". وقالت التلميذة أ. ب أصيلة منطقة مرناق التي فضلت الاحتفاظ باسمها أنها "تعلمت أن عون الأمن مطالب بأن يكون قدوة وبأن ينشر الوعي والحس المدني لإرساء عقلية جديدة ينتهي فيها الصراع والصورة غير الواضحة بين المواطن ورجل الأمن". ويزاول تلاميذ حفظ الأمن تكوينا من ستة أشهر في دورات مركزة واستعجالية لتعزيز صفوف وحدات الأمن الوطني في وظائف مختلفة بعد تأكد الحاجة إلى زيادة أعداد قوات الأمن وتطوير تكوينها وتدريبها في مرحلة ما بعد ثورة 14 جانفي. وانتشر عدد من المواطنين المتطوعين وأعوان البلدية إلى جانب مجموعات تلاميذ الأمن يزيلون أكوام القمامة حول الحاويات القليلة الموزعة في المكان وعلى جوانب الطريق وقد حفزت حركتهم ومشاعرهم حيوية المتدخلين غير المعتادين في عمليات تنظيف الفضاء العام من الأوساخ. وبعبارات تلقائية متحمسة حيا الطفل عبد المالك الطالبي من فوج الكشافة بسيدي حسين مبادرة وزارة الداخلية بالمشاركة في حملة النظافة بمنطقته راجيا أن "يبدي المواطنون سلوكا أكثر وعيا في الحفاظ على المحيط وان تبذل البلديات المزيد من النشاط في أعمال التنظيف". وقال المستشار البلدي عبد الفتاح بوعلي من النيابة الخصوصية بسيدي حسين ان "البلديات لا تزال تواجه كثيرا من العراقيل من مخلفات النظام السابق تحول دون القيام بدورها كما يأمله المواطنون" معتبرا مشاركة جهاز الأمن في أعمال النظافة والعناية بالمحيط "علامة على نقلة نوعية نحو أمن جمهوري بشر به التحول الديمقراطي الذي تعيشه البلاد" على حد تعبيره.