حمام سوسة 16 مارس 2010 (وات)- تنتظم بحمام سوسة بدءا من اليوم الثلاثاء ندوة علمية حول تاريخ هذه المدينة ضمن سلسلة من الندوات الدورية تعتزم جامعة سوسة تنظيمها حول مدن وقرى الساحل عبر التاريخ. وتتناول الندوة بالدرس على امتداد ثلاثة ايام محاور تتصل بتاريخ مدينة حمام سوسة وذلك بالخصوص من خلال المصادر التاريخية ووثائق الأرشيف الوطني ومن خلال المواقع الأثرية والمعالم التاريخية بالمدينة. كما تعرف الندوة بالتراث المادي واللامادي للمدينة ولدى افتتاح الاشغال صباح اليوم بين السيد البشير التكاري وزير التعليم العالي والبحث العلمي ان هذه الندوة تأتي تجسيما لما أذن به الرئيس زين العابدين بن علي للإلمام العلمي بالتاريخ المحلي للبلاد التونسية. وذكر بان مدينة حمام سوسة التي أصبحت بلدية في جانفي 1957 هي تجمع سكني ضارب في القدم على غرار باقي تجمعات الساحل التونسي عرفت تعاقب الغزوات والفتوحات ويعود أصلها المباشر فيما يبدو إلى أواخر الفترة الحفصية حيث برزت حمام سوسة بمعية مجموعة من التجمعات الساحلية الأخرى خلال القرن السادس عشر حيث أتى ذكرها ضمن وقائع الحرب الباشية الحسينية التي شهدتها البلاد بين 1728 و1740 وبعد ان استعرض الخصائص الجغرافية لهذه المدينة ومجالات الأنشطة الاقتصادية والحرفية التي كان يمارسها سكانها القدامى أوضح الوزير ان حمام سوسة لعبت دورا هاما في تاريخ الحركة الوطنية وخاصة سنة 1934 حيث اجتمع سكان البلدة في شهر سبتمبر بالمساجد احتجاجا على ابعاد العديد من الزعماء الدستوريين الى الجنوب التونسي وقاموا بأعمال فدائية ضد المستعمر. واضاف ان التونسيين جميعا يفاخرون بالكفاءات الوطنية العالية الذين أنجبتهم هذه المنطقة التي تعد إحدى قلاع النضال الوطني وكانت لهم كبير الاسهامات في بناء تونس الحديثة. وأكد في هذا السياق اعتزاز التونسيين العميق بقيادة الرئيس زين العابدين بن على الذي كرس مسيرته النضالية والسياسية لخدمة البلاد، وارسى اسسا متينة لتنمية شاملة عادلة تتيح اليوم لكافة ابناء الوطن حيثما كانوا النظر الى المستقبل بأمل وتفاوءل وتطلع الى مواصلة التقدم بتونس في ظل قيادته الحكيمة إلى أعلى المراتب. ولاحظ الوزير ان المدينة تجاوز اشعاعها حدود الوطن اذ اقترن اسمها باسم محطة مرسى القنطاوي ذات الشهرة العالمية والذي يمسح حوالي 320 هكتارا ويعد من أجمل الموانئ المنتزهات في حوض البحر المتوسط والذي أعطى دفعا تنمويا مشهودا لمدينة حمام سوسة مكنتها من كسب عديد الرهانات والتحديات ومنحتها مركزا مرموقا في البلاد واستعرض الخصوصيات الحضارية والتراثية الأخرى التي تتميز بها مدينة حمام سوسة وهي جوانب ثرية من شانها ان تفتح مجالات عديدة للبحث التاريخي والحفريات الاجتماعية حيث لا يكاد يخلو بيت من بيوتها من حمام أو دهليز مشيرا في ذات السياق الى لباس المرأة الحمامية الذي يتميز بتعدد ألوانه الزاهية. واكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا ان هذه الندوة ستكون خير مناسبة للغوض أكثر في تاريخ هذه المدينة ودراسة مختلف جوانبها الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بما يسمح باعادة كتابة تاريخ مدينة حمام سوسة وتاريخ المدن والقرى الاخرى، داعيا الى مزيد البحث في الارشيف والمخطوطات وغيرها من الوثائق في تونس وخارجها الى جانب النبش في الذاكرة الشعبية وخاصة الشفاهية وتجميع مادة وثائقية واثرية تكون منطلقا علميا وبيداغوجيا لكتابة تاريخ الساحل بمدنه وقراه واريافه. وقد اقيمت بالمناسبة مجموعة معارض أبرزت نماذج من أدوات الحياة اليومية القديمة بمدينة حمام سوسة والازياء التقليدية. كما أبرزت الصور الفوتوغرافية المعروضة عددا من البناءات التي شكلت النواة الاولى للمدينة. ومن المنتظر أن تبحث الجلسات العلمية الثماني التي يتضمنها برنامج الندوة بالخصوص في تاريخ حمام سوسة بداية من نشأتها خلال العهد الحفصي وصولا الى التوسع الحضري الذي شهدته في العصر الحديث مع الإشارة الى جذورها الضاربة في التاريخ باعتبار قربها الجغرافي من حضرموت وعلاقة موقع المدينة الحالي بالكشوفات الاركيولوجية التي تم العثور عليها. وسيتم كذلك خلال الجلسات العلمية تقديم قراءات انتروبولوجية للباس المرأة في مدينة حمام سوسة ومدلولات الزوايا والمعالم الدينية بها الى جانب تسليط الضوء على الحرف التقليدية والعادات اليومية التي اشتهرت بها المدينة.