بروكسيل 14 جوان 2010 (وات) - انتهت الانتخابات التشريعية التي جرت يوم الاحد في بلجيكا بانتصار تاريخي حققه الفلمنك المطالبون بالاستقلال مما شكل زلزالا سياسيا ضرب البلاد بأسرها وسيرغم الفرنكوفونيين على القبول بمنح الناطقين بالهولندية مزيدا من الاستقلالية . وحسب نتائج رسمية شبه نهائية للانتخابات نشرت ليلة الأحد حصل حزب " التحالف الفلمنكي الجديد " على 3ر28 بالمائة من الاصوات في اقليم فلاندر المنطقة الناطقة باللغة الهولندية في شمال البلاد حيث يقطن 60 بالمائة من ال 5ر10 ملايين بلجيكي . وهذه النتيجة غير مسبوقة على الاطلاق اذ لم يسبق لحركة تطالب باستقلال الفلاندر ان فازت في انتخابات تشريعية فيدرالية في بلجيكا . وافضل نتيجة تحققت على مر الانتخابات كانت في عام 1971 حين حصل حزب " فولكسوني " القومي على نحو 19 بالمائة من الاصوات . وفي الفلاندر حقق حزب التحالف الفلمنكي الجديد تقدما واضحا على " الحزب المسيحي الديموقراطي " الذى يتزعمه رئيس الوزراء الحالي ايف لوتيرم والذى جمع 5ر17 بالمائة فقط من الاصوات يليه الاشتراكيون ومن ثم الليبراليون . ويدعو التحالف الفلمنكي الجديد الى ان تتحول بلجيكا في بداية الامر الى دولة كونفيدرالية تعهد فيها السلطات الاساسية للمناطق وذلك لتمكين منطقة الفلاندر من الاعتماد كليا على نفسها قبل زوال بلجيكا كدولة . وقال زعيمه بارت دى فيفر " 39 عاما " مخاطبا انصاره ان هذه النتائج تؤكد ان البلجيكيين اختاروا " التغيير " مضيفا ان التغيير في بلجيكا يكون عبر اصلاح في مؤسسات الدولة يمنح الفلاندر مزيدا من الاستقلالية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية مطمئنا في الوقت نفسه اولئك الذين ينظرون بعين الريبة الى برنامجه الانتخابي سواء في داخل البلاد او خارجها . واكد دى فيفر ان استقلال اقليم الفلاندر ليس مطلبا ملحا لحزبه حتى وان لم يستبعد امكانية زوال بلجيكا وقيام دويلات مناطقية على انقاضها وما يعنيه ذلك من شطبها من خارطة الاتحاد الاوروبي . واذا ما ضمت الى الاصوات التي جمعها هذا الحزب تلك التي حصدها حزب فلامس بيلانغ اليميني المتطرف " 7ر12 بالمائة " والحزب الشعبوى لائحة دى ديكر " 7ر3 بالمائة " وهي جميعها احزاب تدعو بشكل او باخر الى استقلال الفلاندر فان هذه الاحزاب حصلت مجتمعة على نحو 45 بالمائة من اصوات ناخبي الفلاندر . ومع هذا الفوز بات تشكيل حكومة ائتلافية في بلجيكا بين الناطقين بالفرنسية والناطقين بالهولندية امرا اكثر صعوبة والاصعب منه هو التوصل بعد تشكيل الحكومة الى التوافق على الاصلاحات التي يطالب الناطقون بالهولندية باجرائها في مؤسسات الدولة . ومن المتوقع ان تبدأ غدا الاثنين المفاوضات الرامية الى تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد ولكن من غير المتوقع ان تنتهي هذه المفاوضات قبل اشهر عدة في الوقت الذى يفترض ان تتسلم فيه بلجيكا الشهر المقبل الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي . واعتبر رئيس الحزب الليبرالي الفرنكوفوني ديدييه رايندرز ان الانتصار الذى حققه القوميون الفلمنكيون يخلق " وضعا سيكون اشكاليا بالنسبة للبلاد ". اما في صفوف الناخبين الفرنكوفونيين فتوزعت اصواتهم بسبب الانقسام الانتخابي في البلاد اذ حل الحزب الاشتراكي في الطليعة بحصوله على 5ر36 بالمائة من الاصوات في اقليم والونيا الفرنكوفوني بجنوب البلاد والعاصمة بروكسيل التي تعتبر جيبا في فلاندر تقطنه غالبية فرنكوفونية . وتقدم الاشتراكيون على الحزب الليبرالي الذى لم ينل سوى 8ر24 في المائة من الاصوات وايضا على الحزب الوسطي وانصار البيئة . ومن المتوقع ان يؤدى انتصار التحالف الفلمنكي الجديد الى اختيار رئيس الوزراء المقبل من الفرنكوفونيين وهو ما لم يحدث منذ سبعينات القرن الماضي وسيكون على الارجح اشتراكيا كون الفائز لدى الناخبين الفرنكوفونيين هو زعيم الحزب الاشتراكي ايليو دى روبو الذى لم يتوان مساء اليوم عن التلميح لهذا الامر . واكد زعيم التحالف الفلمنكي الجديد اليوم ان لا رغبة لديه لقيادة الحكومة الفيدرالية اما بقية الاحزاب الفلمنكية والتي اصطدمت بالحائط مرات عدة في السابق فلديها هذه المرة توجه بترك دفة القيادة لفرنكوفوني وفي هذا المجال يظهر دى روبو منفتحا على التوصل الى تسوية . واقر الاخير بان الناخبين الناطقين بالهولندية بعثوا برسالة قوية يقولون فيها انهم يريدون قدرا اكبر من الحكم الذاتي المحلي مضيفا ان هذه الرسالة يجب ان تسمع داعيا الفرنكوفونيين الى التحلي بالشجاعة والتوصل الى تسوية .