النهوض بأعباء التنمية بقارتنا يظٌل مسؤولية وطنيٌة بالدرجة الأولى كمبلا (أوغندا)- 26 جويلية 2010 (وات)- توجه الرئيس زين العابدين بن علي الى قادة الدول ورؤساء الحكومات المشاركين في الدٌورة العادية الخامسة عشرة لمؤتمر الإتٌحاد الإفريقي، الملتئمة بالعاصمة الاوغندية كمبلا من 25 الى 27 جويلية حول موضوع "صحٌة الأمٌ والطفل والتنمية في إفريقيا"، بكلمة القاها، نيابة عن سيادة الرئيس، وزير الشؤون الخارجية السيد كمال مرجان. وفي ما يلي النص الكامل لهذه الكلمة: "فخامة الرٌئيس بينغو واموتاريكا، رئيس جمهوريٌة مالاوي رئيس الإتٌحاد الإفريقي، فخامة الرٌئيس يوري موسيفيني، رئيس جمهوريٌة أوغندا، أصحاب الفخامة والمعالي رؤساء الدٌول والحكومات، حضرة السٌيد جون بينغ رئيس مفوٌضية الإتٌحاد الإفريقي، حضرات السادة والسيدات. يسعدني أن أتوجٌه بخالص عبارات الشكر والتقدير إلى فخامة الرٌئيس يوري موسيفيني، وإلى جمهوريٌة أوغندا الشقيقة، لما وفٌرته من ظروف ملائمة لانعقاد هذه القمٌة، ولما خصٌت به المشاركين فيها من حسن الاستقبال وكرم الوفادة. كما يطيب لي أن أشيد بالمجهودات الٌتي يبذلها فخامة الرٌئيس بينغو واموتاريكا منذ تولٌيه رئاسة الإتٌحاد الإفريقي، لخدمة قضايا قارٌتنا وتعزيز مكانتها على السٌاحة الدٌوليٌة. وأثني على ما يقوم به معالي السٌيد جون بينغ، رئيس مفوٌضية الإتٌحاد الإفريقي، وسائر مساعديه، من عمل دؤوب لدعم العمل الإفريقي المشترك. وأتوجه بهذه المناسبة، بخالص التهاني إلى الدٌول الإفريقيٌة الشقيقة الٌتي تحتفل هذه السٌنة بمرور خمسين سنة على حصولها على الإستقلال، بفضل كفاح مرير وتضحيات جسام من أجل استعادة مقوٌمات سيادتها الوطنية وتأمين كرامة الإنسان الإفريقي. السٌيد الرٌئيس، إنٌ اختيار موضوع صحٌة الأم والطٌفل والتنمية في إفريقيا محورا أساسيا للدٌورة الحالية لهذه القمٌة، يعكس مدى حرصنا على الإهتمام بالأسرة باعتبارها الخلية الأولى الٌتي تشكٌل المجتمعات الإنسانيٌة، وما تحظى به من مكانة متميٌزة ضمن سياساتنا الإجتماعية وبرامجنا التنموية. وتظل رعاية صحٌة الأم والطفل من أوكد الأولويات لما لها من آثار بالغة على توازن مجتمعاتنا واستقرارها، وعلى تقدٌم شعوبنا وتطوٌرها، خصوصا وأنٌ النهوض بصحٌة الأم والطٌفل يندرجان ضمن أهداف الألفيٌة للتنمية. ونحن مدعوون إلى توجيه جهودنا نحو إقامة برامج مشتركة، من شأنها أن تخدم دعم أهدافنا الوطنيٌة في هذا المجال، وإلى اعتماد مقاربة شاملة تقوم على الربط الوثيق بين الأبعاد الإجتماعيٌة والتربويٌة والصحٌية، وعلى تحسين ظروف عيش المواطنين، والإرتقاء بأوضاع المرأة والطفولة في سائر الميادين. السٌيد الرٌئيس، لقد جعلت تونس من الصحٌة رافدا أساسيا من روافد التنمية، ووضعت برامج متكاملة في مجال رعاية الأمومة والطٌفولة والصحٌة الإنجابيٌة. وانسجاما مع أحد أهداف الألفيٌة للتنمية المتعلق بالتٌقليص من وفيات الأمهات بثلاثة أرباع بين سنتي 1990 و2015، فإننا نسعى إلى التخفيض من نسبة وفيات الأمٌهات إلى 20 وفاة لكلٌ مائة ألف ولادة حيٌة بحلول سنة 2014 ، وقد وضعنا عدة برامج لتكثيف الأنشطة المتٌصلة بالكشف عن حالات الحمل المحفوفة بالمخاطر ومتابعتها، علاوة على حملات التوعية والتثقيف حول الأمومة الآمنة التي نشمل بها سائر المناطق ولاسيما منها التي تحظى بالأولوية. أمٌا بشأن وفيات الأطفال في تونس، فقد انخفض عددها في كل ألف مولود حيٌ من 37 فاصل 3 سنة 1990 إلى 18 فاصل 4 سنة 2007 ونحن نعمل على النزول بهذه النٌسبة إلى حدود 12 فاصل 5 بحلول سنة 2014، وذلك ببعث برنامج وطني شامل للنٌهوض بطبٌ الولدان، ودعم البرنامج الوطني للتٌلقيح حتى يغطي كلٌ الدٌوائر الصحٌية في حدود سنة 2014 السٌيد الرٌئيس، انٌ للدٌول الإفريقيٌة اليوم فرصا سانحة للتعاون على إيجاد الحلول المناسبة للإشكاليات التنمويٌة الٌتي تعترضها ولاسيٌما في مجال صحٌة الأم والطٌفل. وإنٌ ما تبذله مفوٌضية الإتٌحاد الإفريقي من جهود لاعتماد تمشٌ متجانس للدٌول الإفريقيٌة في ميدان الصحٌة الإنجابيٌة، يستحقٌ منا كل الدٌعم والتشجيع. ونحن مستعدون لمواصلة التٌعاون وتطويره مع سائر الدٌول الإفريقيٌة الشٌقيقة، ولوضع خبرة تونس في خدمة المشاريع الإفريقيٌة المتعلٌقة بالتنمية البشريٌة والنٌهوض بقطاع صحٌة الأم والطٌفل، وذلك في إطار التعاون مع مختلف الأطراف الدٌولية الأخرى مثل الوكالة اليابانيٌة للتٌعاون الدٌولي التي اختارت تونس سنة 1999 قطب إشعاع للدٌول الإفريقيٌة المستعملة للغة الفرنسيٌة في مجال الصحٌة الإنجابيٌة والسٌكان. وقد أسندت هذه الوكالة سنة 2008 إلى الدٌيوان الوطني للأسرة والعمران البشري، الشٌهادة التقديريٌة الكبرى، وحصلت تونس سنة 2008 على جائزة الأممالمتحدة لأحسن مشروع تمٌ تنفيذه في هذا المجال في نطاق التعاون جنوب جنوب. كما أسندت منظٌمة الصحٌة العالميٌة سنة 2009 إلى المركز التٌونسي للتدريب الدٌولي والبحث، صفة مركز نموذجي متعاون لمنطقة شرق المتوسٌط للفترة (2009-2013)، تقديرا منها لنجاحه في تنظيم الدٌورات التدريبيٌة الدٌوليٌة، وفي البحث المتصل بقضايا الصحٌة الإنجابيٌة وتنظيم الأسرة. السٌيد الرٌئيس، انٌ مناطق عديدة بقارتنا ما تزال تعاني من مظاهر التوتٌر والنزاعات المسلٌحة الٌتي تعيق عمليٌة التنمية وتعطٌل تنفيذ برامجها. ويقيني أنٌ إعلان الإتٌحاد الإفريقي سنة 2010 سنة للسٌلم والأمن في القارة، من شأنه أن يتيح لنا فرصة متجدٌدة لمزيد التوعية بأهميٌة الوقاية من النٌزاعات، وحلٌها بالطٌرق السٌلميٌة، وتحقيق الأمن والإستقرار لكل الشعوب الإفريقيٌة. وإذ ندرك أنٌ النهوض بأعباء التنمية بقارتنا يظٌل مسؤولية وطنيٌة بالدرجة الأولى، فإننا على يقين بأنٌ دولنا قادرة على تحقيق أهدافها المنشودة في النمو والتقدم، إذا ما سخٌرت كل جهودها لهذه الغاية، بعيدا عن مخاطر التوترات والنزاعات التي تهٌدد كيانها ووحدتها. وفي الختام، أجدٌد التعبير عن حرص تونس على الإسهام في توطيد أسس العمل الإفريقي المشترك وتطوير آلياته، بما يدعم علاقات التضامن والتكامل بين بلداننا، وينمي قدراتها على كسب رهانات التقدٌم والإزدهار. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."