تونس 12 فيفرى 2011 / وات/ القى المفكر السورى برهان غليون بعد ظهر السبت بمدينة العلوم بتونس محاضرة بعنوان " العالم العربي بعد الثورة التونسية .. الافاق والتوقعات" بدعوة من جمعية منتدى الجاحظ واعرب برهان غليون في مستهل محاضرته عن سعادته لعودته بعد غياب اختيارى دام 19 سنة الى تونس " حرة ومحررة وسباقة في فتح طريق الحرية للعالم العربي بأجمعه" مذكرا ان تونس وشعبها نظرا لارتفاع مستوى التمدن والتقدم الفكرى والاجتماعي فيها كانت دائما سباقة على درب الحداثة العربية واعتبر ان ما حصل في تونس هو " ثورة سياسية بالمعنى العميق استدرك الشعب التونسي بها ما تخلف عنه في مجال الديمقراطية " ومن شانه فتح باب الحداثة السياسية في العالم العربي حداثة " جوهرها اقامة النظم السياسية على مبدأ السيادة للشعب " ولاحظ ان استرجاع هذه السيادة من قبل الشعب يضع حدا لمرحلة تاريخية صودرت فيها الارادة الشعبية من قبل نخب الاستقلال التي نصبت نفسها كوصي على الشعوب تلاها جيل أخر من الحكام انتزع الصلاحية والاهلية لفائدة أقلية متنفذة وفاسدة ومتواطئة مع المصالح الاجنبية مما انجر عنه قهر ممنهج للشعب من الداخل والخارج " الجديد اليوم" يضيف المحاضر هو ان " استعادة الشعب لملكيته لوطنه بعد أن تحول شيئا فشيئا الى عنصر فاعل بفضل انصهار أفراده في الانا الجماعية التي هي اساس ولادة الشعب كأمة " وحول العوامل التي أدت الى ذلك أكد برهان غليون على دور الثورة المعلوماتية الحديثة التي كسرت احتكار المعلومات الذى يميز النظم الاستبدادية القائمة على قطع الاتصال بين المواطنين ومع الاخر ومنع التواصل الفكرى والحضارى كما شدد على الافلاس المشين الذى ميز نظامي بن علي ومبارك من حيث الاستهتار بحقوق المواطنة والتعدى على حرمة القانون والفساد المالي والانحطاط الاخلاقي والثراء الفاحش ملاحظا ان " ليس الفقر وحده الذى يدفع للثورة بل الشعور بان الفقر غير عادل" وفي معرض حديثه عن انعكاسات ما حصل في تونس قال ان الثورة التونسية قدمت نموذجا حيا للشعوب العربية الاخرى وفضحت أزمة السلطة والشرعية التي تتخبط فيها الانظمة العربية وعلى صعيد أخر يرى المحاضر ان الثورة التونسية غذت شعورا متجددا بالانتماء العربي بعد عقود من الانتكاس سببه الاحباط السياسي وفقدان الثقة في النفس مضيفا أن ذلك يؤشر على عودة العرب الى التاريخ ومسكهم لزمام الامور في منطقتهم لكن برهان غليون حذر من الفهم السلبي لسلطة الشعب ومن تراجع الانا الجماعية وانحسارها وعودة الانانيات الفئوية والطبقية والجهوية والفردية مما قد يتسبب في الارتداد عن الثورة " اذا استمر الوضع" مؤكدا ان دور النخبة في هذه المرحلة يكمن في صياغة أجندا عقلانية للتحول نحو الديمقراطية برهان غليون هو استاذ علم الاجتماع السياسي ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر في جامعة السربون الفرنسية له عديد المؤلفات منها " المسالة الطائفية ومشكلة الاقليات" و "النظام السياسي في الاسلام "