تونس 23 أكتوبر 2009 (وات) تعتبر المسيرة الفنية للرسام والنحات التونسي زبير التركي الذي فارق الحياة يوم الجمعة عن سن تناهز 85 عاما ثرية بالإبداع والنجاحات على أكثر من صعيد وتنطوي على مفارقة عجيبة فالرجل الذي درس في بداية حياته في جامع الزيتونة المعمور بمدينة تونس العتيقة أصبح فيما أحد رموز الفن التشكيلي في تونس وربما في العالم العربي بأسره وهذه المفارقة سرعان ما تنتفي من الأذهان عندما يدرك المرء مدى الانفتاح الفكري ورهافة الحس التي عرف بها هذا الفنان الذي انبرى يرسم شخوص المدينة العتيقة وعادات أهلها وتقاليدهم بدقة الباحث الاجتماعي والعارف بخفايا الأمور ولكن أيضا بكثير من المحبة والحنين. في الخمسينات من القرن العشرين أراد ان يثبت مواهبه في مجال الرسم فهاجر الى ستوكهولم /السويد/ لتلقي دراسة اكاديمية متينة وكان قد سبقه الى هذا البلد الاسكندنافي الرسام المعروف علي بن سالم. ولدى عودته الى تونس في بداية الستينات شرع في عمله كرسام له قدرات فائقة ومثل كتابه / تونس في الماضي والحاضر/ الذى قدم له الباحث الفرنسي جان دوفينو بطاقة زيارة رائعة لتونس المستقلة حديثا على الصعيدين الثقافي والسياحي وهو أول كتاب فني تنشره الشركة التونسية للنشر وقد أنجز الفنان زبير التركي معارض عديدة فردية وجماعية بتونس والخارج وله تجربة طويلة في الرسم للمجلات والصحف والكاريكاتور كما كانت له انجازات في الرسم الجدارى والنحت من أهمها جدارية مقر الاذاعة الوطنية بشارع الحرية وتمثال العلامة ابن خلدون في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة. ولم يقتصر نشاطه على فن الرسم والنحت بل تجاوزه الى اعداد الديكورات وملابس التمثيل بالتعاون مع صديقيه علي بن عياد والحبيب بولعراس لاسيما في مسرحية / مراد الثالث/ في أواخر الستينات وأوائل السبعينات كما نشط في الحقل الثقافي والجمعياتي من خلاله تأسيسه لمركز الفن الحي واشرافه على اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين عند تأسيسه سنة 1969 وعمله في اللجنة الثقافية لمدينة تونس وكمستشار دائم بوزارة الثقافة. وأسهم طيلة مسيرته الفنية والمهنية في ابراز الشخصية التونسية الاصيلة وفي تأكيد خصوصياتها ويعتبر متحفه الشخصي الذى اقامه بمنزله في المدينةالجديدة من ولاية بن عروس احد انجازاته الهامة. وقد تحصل الفقيد على عديد الجوائز الوطنية والدولية وحظي بالتكريم من قبل الرئيس زين العابدين بن علي الذى منحه في الذكرى الحادية والعشرين للتحول جائزة 7 نوفمبر للابداع تقديرا لاسهاماته المتميزة في تثبيت الفن التشكيلي وتأصيله وتطويره بتونس ولمثابرته على ابراز خصوصيات هذا الفن في الداخل والخارج وتعدد ابداعاته وغزارة انتاجه.