الهوارية (نابل) 10 جوان 2009 (وات) - البيزرة مخزون ثقافى وبيئى متميز هو شعار الدورة 43 لمهرجان الساف التى تقام هذه السنة من الخميس 11 الى الاحد 14 جوان بمدينة الهوارية.وقد اضحى هذا المهرجان الذى تنفرد به الهوارية موعدا للاحتفاء بالساف رمز موطن النسور اكيلاريا مثلما سماها الرومان ولابراز ما تكتنزه هذه المنطقة الموجودة باقصى شمال ولاية نابل من مخزون ثقافى وبيئى جعل منها وجهة مفضلة لالاف الزوار من تونس ومن الخارج خلال هذه الفترة كل عام. الهوارية هذه المدينة الهادئة الواقعة باقصى نقطة فى الراس الطيب (الوطن القبلى) والتى لا تفصلها عن جزيرة صقلية الايطالية سوى مسافة 140 كلم ما تزال الى اليوم متمسكة بخصوصياتها الثقافية ولاسيما بفن البيزرة اذ جعلت من طائر الساف امير السماء وخصته بمهرجان سنوى عنوانا لشغف ابنائها بالطبيعة ولتمسكهم بخصوصياتها البيئية والثقافية. والهوارية هى كذلك مدينة الكهوف والمغاور التى يعود حفرها الى الفترة الرومانية عندما كانت تستخرج منها الحجارة لاستخدامها فى المعمار وحتى لبناء مسرح روما. فمغاور الهوارية ما تزال قائمة الى اليوم وهى تروى للزوار حكايات واساطير عن حضارات تعاقبت على حوض المتوسط وطبعت تاريخ الانسانية. وتظل الهوارية الى اليوم بمغاورها وجبالها وشواطئها مزارا للسياح ومقصدا لمحبى الطبيعة وهى كذلك بالنسبة الى حماة الطيور افضل موقع لمراقبة عبور الاف الطيور المهاجرة فى رحلتها من جنوب القارة الافريقية الى اوروبا. وتجد هذه الطيور فى التضاريس الجبلية للهوارية ملاذا امنا للراحة قبل عبور المتوسط بعد ان تكون قد حلقت فى سماء المنطقة فى انتظار التيار الهوائى الدافىء والمناسب الذى يسهل رحلتها باتجاه البلاد . ويكتسي الاحتفاء السنوى بطائر الساف دلالات بالغة الاهمية كونه موعد مع تاريخ الوطن القبلى ودلالة على ما توليه تونس من اهتمام لتوظيف المخزون الثقافى والبيئى فى خدمة التنمية المستديمة التى تحترم البيئة والمحيط وتحمى الطيور والحيوانات لتشكل فى مجملها ثروة ايكولوجية قابلة للتثمين لفائدة الاجيال المتعاقبة. ويتضمن برنامج دورة هذه السنة فقرات تنشيطية وتراثية تعيد رسم بعض اوجه العلاقة التى جمعت طائر الساف بمتساكني منطقة الهوارية منذ امد بعيد وتعرف باسرار توارثها وتشمل بالخصوص عروضا لفن البيزرة بطائر البرني ومسابقات للصيد بطائر الساف واخرى للرماية. وقد ادرجت لجنة تنظيم المهرجان محاضرة حول /فن البيزرة وهجرة الطيور عبر مضيق الهوارية صقلية/ فضلا عن يوم سياحي لتثمين الموروث الثقافي والاثرى بالجهة الى جانب عروض اخرى فنية وحرفية ومسابقات رياضية متنوعة. ويقوم فن البيزرة الذى يتفرد به ابناء منطقة الهوارية ويتوارثه بيازرتها أبا عن جد على تربية فصيلتين اثنتين من الجوارح لغرض استعمالها في الصيد وهما طائر الساف المختص بقنص السمان وطائر البرني المختص بقنص الحجل. ويعد الساف من الجوارح المهاجرة التي تعشش بأعالي جبل الطير بالهوارية مع بدايات شهر مارس الى نهاية شهر أفريل من كل سنة. ويبلغ عدد مربي الساف بالهوارية 150 والبرني 8 فقط باعتبار ندرة هذا الطائر المهدد بالانقراض والذى تسعى تونس للمحافظة عليه.