في إطار إحياء اليوم العالمي للوقاية من التدخين، نظّمت منصة med.tnمائدة مستديرة جمعت مجموعة من المختصين في الصحة العامة لمناقشة التطورات في مجال مكافحة التدخين في تونس. وقد قدّم الدكتور ذاكر لهيذب، أخصّائي أمراض القلب والشرايين، مداخلة محورية سلّط فيها الضوء على الواقع الحالي لتدخين التبغ والتحديات المرتبطة بالإقلاع. وقال الدكتور لهيذب إن الوعي بأضرار التدخين قد ارتفع خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبح أغلب المدخنين يُدركون اليوم أن التدخين مضرّ بصحتهم. لكن، وبحسب تعبيره، "المعرفة وحدها لا تكفي للإقلاع"، مشددًا على أن "الإنسان لا يستطيع أن يقلع عن التدخين بمجرد الإرادة فقط، بل يحتاج إلى بدائل عملية تساعده". وفي هذا السياق، أوضح أن الوسائل البديلة للإقلاع، مثل اللاصقات والعلكة النيكوتينية، ما زالت غير متوفرة بشكل كافٍ في السوق التونسية، وهو ما يحدّ من فعالية سياسات الإقلاع. وتطرّق الدكتور لهيذب إلى موضوع التبغ المسخّن، مشيرًا إلى أنه يُعدّ أقل ضررًا مقارنة بالتدخين الكلاسيكي بحسب بعض الدراسات الدولية، لكنّه حذر من أن "أقل ضررًا لا تعني بدون مخاطر". وأضاف أن هذا النوع من المنتجات لا يجب أن يُقدّم كخيار أولي أو مُغري، خاصة لدى الشباب، بل كوسيلة انتقالية لمن يسعى فعليًا إلى الإقلاع. كما حذّر من السجائر الإلكترونية التي تحتوي على سوائل بنكهات مثل الفريز أو الدلاع، قائلًا إنها "تجذب الأطفال والمراهقين نحو التدخين"، مؤكدًا أن مصدر هذه السوائل غير معروف غالبًا، وأن آثارها الصحية على المدى الطويل ما زالت قيد الدراسة. ولم يغفل الدكتور لهيذب عن الإشارة إلى استمرار ارتفاع نسب التدخين في صفوف الشباب والنساء، إلى جانب الشيشة التي لا تزال تلقى رواجًا واسعًا رغم ما تحمله من مخاطر صحية جسيمة، خاصةً في ظلّ جهل المستهلكين بالمكوّنات الفعلية لمحتواها. وختم الدكتور مداخلته بدعوة موجهة بالأساس للشباب قائلا: "التدخين ليس رجولة ولا حرية شخصية، بل هو مأساة صحية تبدأ أحيانًا من سنّ مبكرة، من لم يبدأ بالتدخين، فقد أنقذ نفسه، ومن يدخّن اليوم، فليعلم أن الوقت لم يفت بعد للإقلاع، بشرط وجود الدعم والبدائل الفعلية." وتُعدّ مشاركة الدكتور لهيذب من بين أبرز المداخلات في هذه الفعالية، خاصة وأنه دعا إلى إعادة النظر في السياسات الوقائية لتشمل حلولًا عملية وواقعية تساعد المدخنين فعليًا، بدل الاقتصار على حملات التوعية فقط.