يحيي التونسيون باعتزاز الذكرى الرابعة لثورة الحرية والكرامة، ثورة 17 ديسمبر- 14 جانفي المجيدة. وهي مناسبة لاستذكار تضحيات شعبنا بجميع فئاته وجهاته طيلة سنوات الجمر التي حكم فيها الإستبداد وتلظى فيها الشعب التونسي بنار الدكتاتورية والفساد. لقد خلع التونسيون الطاغية وكسروا القيود وتخلصوا من الخوف، وهم يشيدون منذ أربع سنوات بناء ديمقراطيا فريدا لا يزال يجلب إعجاب العالم في محيط إقليمي مضطرب، كما أنهم يتطلعون للمضي قدما نحو إتمام إنجاز أهداف ثورتهم في تثبيت الحريات والتقدم على طريق إقامة العدالة الإجتماعية ومقاومة الفقر والبطالة والتهميش. إن العالم لا يزال منجذبا لتجربة وضع فيها شعبنا كل عبقريته التي تجلت خاصة في تجاوز أزمة سياسية حادة كادت تعصف سنة 2013 بالتجربة كاملة. وقد تمكن التونسيون من ابتكار "التوافق" قيمة وأداة عبر حوار وطني إنتهى إلى سن الدستور وإنجاز الإنتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرة التي أعطت للدولة مؤسساتها المنتخبة الدائمة ورسخت سلمية التداول على السلطة وفتحت أمام شعبنا آفاق انتقال ديمقراطي سلس بلا إقصاء ولا احتراب. إننا نحيي هذه الذكرى وبلادنا قد حققت هدفها الأول من الثورة وهو تأسيس الديمقراطية و تتهيأ لاستكمال أهدافها في التنمية والتشغيل ونحن اليوم نقطع خطواتنا الأخيرة نحو تشكيل حكومة تقود البلاد في مرحلة تحتاج إلى الإعتصام الدائم بمبدأ التوافق في إطار خيار حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على الشروع في الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية الكبرى المطروحة على البلاد وبمناسبة هذه الذكرى فإن حركة النهضة : تترحم على كل الشهداء الأبرار من مدنيين وعسكريين وأمنيين الذين عبدوا لشعبنا الأبي طريق الحرية ودفعوا ثمن حمايتها. تؤكد سلامة الخيار الوطني القائم على اعتماد الحوار والسلمية وتؤكد التزامها بنهج التوافق وتدعو القوى السياسية إلى المثابرة عليه وهو النهج الذي جنب بلادنا الفتن ووقاها شرورا وقع فيها غيرنا. تثمن نجاح المسار الإنتخابي الذي مثل محطة حاسمة من محطات الإنتقال الديمقراطي في بلادنا ووضعها في مصاف الديمقراطيات الصاعدة. تجدد تضامنها مع الصحفيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري المحتجزين في ليبيا وتدعو إلى بذل كل الجهود لإطلاق سراحهما ومنع كل أذى عنهما. تذكر باستعدادها، تبعا لقرار مجلس الشورى الأخير، للمشاركة في الحكومة المقبلة في حال تقديم عرض رسمي في ذلك تقديرا منها للمصلحة الوطنية ومقتضيات المرحلة التي تمر بها بلادنا. تؤكد أن الأولويات الوطنية هي تحقيق الأمن واستمرار مقاومة الإرهاب بلا هوادة إلى حين اجتثاثه، وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر التنمية الشاملة والتوزيع العادل للثروة ومقاومة البطالة. تندد بالحملة الإعلامية التي تقودها بعض الأطراف المتحاملة على حركة النهضة وقياداتها والمروجة للأكاذيب حول موقف الحركة من الإرهاب وهي حملة مرتبطة بأجندات حزبية ضيقة هدفها تسميم الأجواء داخل البلاد والتشويش على خيار التوافق الوطني الواسع.