لئن وجه المرزوقي نقده الضمني والشديد الى الجبهة الشعبية في حديثه عن إسقاط الحكومة بعد يومين من تصريحات زعيمها حمة الهمامي فقد نسج بن جعفر على نفس المنوال بتقزيم حركة نداء تونس واعتبارها «وكرا لأعداء الثورة» وبابا لعودة «التجمعيين» الذين نسي بن جعفر ان حزبه أيضاً يضم عددا كبيرا منهم على غرار اغلب الاحزاب الاخرى بما فيها النهضة والمؤتمر . النقطة التي يلتقي فيها الرئيسان المرزوقي وبن جعفر هي «الدفاع عن النهضة» وتقزيم معارضيها وهما يتنافسان في هذا لغاية معلومة وهي حجز مكان في ترتيبات النهضة المستقبلية ولكن ما هو رأي النهضة ؟
المرزوقي وبن جعفر بلا مستقبل
كل المؤشرات تؤكد ان مصطفى بن جعفر ومنصف المرزوقي لن يكون لهما اي حضور في المحطة الانتخابية القادمة خارج حساب النهضة فقد خسرا الحركة الديمقراطية اما حكام الأمس من الحركة الدستورية بكل تياراتها فلا يمكن ان يتحالفوا مع هذا الثنائي الذي كان اشد عداء لهم من النهضة ذاتها .
ولئن انتهى الدور السياسي لحكام الأمس فان وزنهم الانتخابي لا يمكن ان يشكك فيه الا جاهل بأبسط قواعد التوازنات الانتخابية كما لا يمكن ان تتحالف معهما لا الجبهة الشعبية ولا العريضة الشعبية ولا حركة الشعب التي تملك حضورا محترما في عدد كبير من جهات البلاد لذلك فلم يبق لهما بعد ان تفتت حزبا المؤتمر من اجل الجمهورية الى اربعة أحزاب (وفاء والإقلاع والإرادة والمؤتمر) والتكتل من اجل العمل والحريات الى مجموعات والتحاق عدد كبير من إطاراته ومنخرطيه بأحزاب أخرى الا التعويل على ترشيح النهضة ولكن هل ستعيد النهضة ما يعتبره عدد كبير من أنصارها «خطا»؟
كل المؤشرات التي رافقت مسلسل التحوير الوزاري تؤكد ان الحركة كعمود فقري للائتلاف الحاكم لا يمكن ان تعول مجددا لا على المرزوقي ولا على بن جعفر وذلك لأسباب اولها انهما فقدا شعبيتهما بعد تجربة الحكم ولم يعد لهما نفس «الوهج» الثوري وبالتالي فإن التحالف معهما يصبح غير ذي جدوى بالنسبة الى الحركة التي تعمل على الاستفادة من أخطاء الحكم والظهور بمظهر الحزب الذي يسعى الى الوفاق وخلق أرضية واسعة من التحالفات لقطع الطريق امام منافسها القوي نداء تونس وكذلك الجبهة الشعبية وهنا ليس من الغريب ولا من المستبعد ان تلتفت حركة النهضة الى الكتلة الدستورية ففي السياسة لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة ويمكن ان ترشح حركة النهضة شخصية دستورية ان تم الاتفاق على إقرار النظام البرلماني،
كما لا ننسى ان حركة النهضة ضاقت ذرعا ب«المزايدة» التي مارسها الثنائي المرزوقي وبن جعفر عليها في الكثير من الملفات ليظهرا بمظهر «الأبطال» في حين تظهر النهضة بصورة «الجلاد»!
ولئن بدا هذا سيناريو التحالف مع الحركة الدستورية غير مستحيل فان السيناريو الأقرب سيكون اختيار شخصية من الحركة للانتخابات الرئاسية والأقرب لذلك هو حمادي الجبالي مع التحالف لتشكيل الحكومة مع قوى اخرى مثل الاتحاد الوطني الحروالتحالف الديمقراطي وحركة الشعب وحتى الحزب الجمهوري قد لا يكون بعيدا عن النهضة وخاصة في الانتخابات الرئاسية إذ ان نجيب الشابي يبقى اسما مطروحا بقوة في الموعد الانتخابي القادم.
وبذلك تكون حركة النهضة هي الوحيدة التي أنقذت نفسها من محنة الحكم حتى وان فقدت الكثير من شعبيتها اما حليفاها الان فقد دفعا ضريبة التعلق بالسلطة فلو لم يشاركا في الحكم وتمسكا بموقع المعارضة لكان لهما حضور اخر في المشهد السياسي. لكن تلك أحكام السياسة!