صدر في ساعة متأخرة من مساء أول أمس الحكم القضائي الابتدائي عن محكمة الناحية بتونس في ما عرف بقضية «تبادل العنف في مقر اتحاد الكتاب» وقد أدانت المحكمة السيد ساسي جبيل وقضت بتخطئته بمبلغ 300 دينار فيما رفضت الدعوى المدنية التي رفعها السيد محمد المي. المهم في هذه القضية ليس حجم الحكم بل طبيعته فإدانة المشتبه به لا تقف عند حدّ تخطئته بل لها استتباعاتها الأخرى سواء على الصعيد الداخلي لاتحاد الكتاب التونسيين أو على القضية الأصلية المنشورة لدى المحكمة الابتدائية بالعاصمة والمتعلقة بالطعن الذي تقدّم بها ثلاثة عضاء من اتحاد الكتاب ضد قرار طردهم من المنظمة وهم السادة عادل المعيزي وظافر ناجي ومحمد الهادي العداسي شهر الجزيري. بالنسبة إلى الجانب الأول من الاستتباعات فإنّ الهيئة المديرة التي انتصبت بصفتها مجلسا للتأديب وقرّرت طرد الكتاب الثلاثة على خلفية ممارستهم للعنف بمشاركة محمد المي غير المنخطر بالمنظمة ضدّ العضو السيد الساسي جبيل وبالتالي إخلالهم بأخلاقيات الكتاب وإيطيقا الاتحاد مطالبة بالتعديل من موقفها على ضوء الحكم القضائي الذي برّأ ساحة المتهم من قبل الهيئة المديرة وأدانت الضحية في نظرها. فالقضاء أدان من اعتبره اتحاد الكتاب ضحية ومعتدى عليه وبرّأ من اعتبره شارك المطرودين لاحقا في الاعتداء. وهنا يحقّ للكتاب الثلاثة المطالبة بالحق في المساواة وفقا لما ينصّ عليه الدستور التونسي والقوانين خاصة إذ ذكّرنا بأن الحكم الجزائي يلزم القاضي المدني. أما على صعيد استتباعات حكم محكمة الناحية الذي أدان السيد ساسي جبيل على القضية الأصلية المنشورة أمام الدائرة المدنية بابتدائية تونس فإنّ ذلك سينعكس على وجدان القاضي المدني وطبيعة حكمه إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تأسيس قرار الطرد على وقائع حادثة الاعتداء واعتبار المعيزي وناجي والجزيري مشاركين للمي في ممارسة العنف وهو ما دحضه القضاء ابتدائيا في مادته الجزائية التي تعتبر ملزمة للقضاء المدني. وإزاء هذا الحكم أفادنا الكاتب الصحفي محمد المي الذي رفضت المحكمة دعواه المدنية التي طلب فيها التعويض له ماديا ومعنويا بأنه سيرفع قضية جديدة ضدّ خصمه جبيل في الادعاء بالباطل خاصة وأنّ هذا الأخير كان قد رفع دعوى قضائية ضدّه في العنف رفضتها المحكمة وللتذكير فإنّ السيدين الساسي جبيل ومحمد المي كانا تبادلا العنف بمقرّ اتحاد الكتاب التونسيين عشية ندوة شعرية جرت في شهر رمضان الماضي وهو ما استندت إليه الهيئة المديرة للاتحاد لاتخاذ قرارها في طرد الكتاب الثلاثة المذكورين الذين رفعوا أمرهم للقضاء. وكانت محكمة الناحية قد أصدرت حكما بإدانة الساسي جبيل وسجنه مدّة شهر غيابيا قبل أن يعترض على هذا الحكم ليصدر في شأنه حكم حضوري يقضي بالإدانة وتخطئته فيما قضى ببراءة خصمه وهو الأمر الذي قد يحدث منعرجا حقيقيا كما سبق أن ذكرنا. ويحق للسيد الساسي جبيل الآن الطعن في قرار إدانته قضائيا بالاستئناف ولا يعتبر الحكم باتا إلاّ إذا قالت فيه محكمة التعقيب رأيها.