بالفعل هي «دراجة نارية» وقد وصفت بالنارية لأن تكلفة اقامتها في المستودع البلدي بلغ مليونا و300 دينار هو سعر الحجز لا سعر الاقامة في نزل 5 نجوم. «إقامة» هذه الدراجة في المستودع لم تكن نتيجة تجاوز قانوني ارتكبه صاحبها، بل لأن الدراجة التي اشتراها صاحبها ب 300 دينار فقط سرقت منه، وقد تمكنت الجهات الامنية من كشف الجريمة ووضعت الدراجة على ذمة صاحبها في المستودع البلدي، لكنه لما جاء لتسلمها طلبت منه بلدية صفاقس ما قدره مليونا و300 دينار لرفعها... أليست هذه الدراجة «نارية» فعلا؟ قضية الحال أصر صاحبها على نشرها في صحيفتنا «الشروق» لا بهدف التشهير ببلدية صفاقس بل لكشف تصلب بعض الموظفين وعدم حرصهم على الاجتهاد في موضوع يستوجب حتما الاجتهاد... الى المكتب جاءنا محملا بوثائق لا تقدر دراجته النارية على حملها ليروي لنا تفاصيل مضحكة حول دراجته التي وصفها ب «زمردة الخردة» والتي علا شأنها وارتفع فتحولت الى موضوع درس واجتهادات وفتاوى من البلدية وأعوانها ومسؤوليها. قصة الدراجة انطلقت في شتاء 2007 لما اقتنى السيد فؤاد الشعري دراجة نارية لابنه الطالب بجامعة صفاقس، سعر الدراجة النارية حسب الوثائق التي قدمها لنا صاحبها 300 دينار، لكن بعد مدة قصيرة من الاستعمال، سرقت الدراجة النارية من منزل صاحبها فتقدم بقضية في الغرض. بعد ما يقارب ال 3 سنوات، عثر صاحب الدراجة النارية على وسيلة نقله بالمستودع البلدي بصفاقس ففهم أن الجهات الامنية ضبطتها ووضعتها على ذمة صاحبها، وللغرض استخرج المالك وثيقة رسمية تخول له رفع دراجته، فاتجه مسرعا للمستودع لرفعها بعد أن حمل معه كل الوثائق اللازمة سواء منها التي تؤكد ملكيته للدراجة او بعض الوثائق الاخرى من الجهات الأمنية. في المستودع لاحظ المالك ان دراجته التي اقتناها ب 300 دينار لم يعد يتجاوز سعرها ال 70 أو 80 دينارا بعد أن أتى الصدأ على جزء كبير من محركها وهيكلها، ومع ذلك منى نفسه باصلاحها حتى يتمكن ابنه الطالب من استغلالها للتحول الى جامعته بصفاقس. لكن في المستودع، وبعد عملية حسابية، اتضح انه مطالب بدفع مليون و300 دينار بعنوان خلاص اجراءات المستودع البلدي حتى يتسنى له رفع دراجته النارية التي سرقت منه والتي لم تعد «تسوى» أكثر من 100 دينار على أقصى تقدير كما يقول، وأمام هذه الوضعية غير المتجانسة تقدم المتضرر بمطلب لبلدية صفاقس لاعفائه من سعر «الاقامة». انتظر المالك أياما الى أن وافته البلدية أمس بقرارها الرصين والذي يقول نصه «تبعا لمكتوبكم حول طلب الاعفاء من آداء معلوم حجز الدراجة النارية التي تم ايداعها من طرف شرطة باب بحر يوم 15 فيفري 2008، أتشرف باعلامكم انه تتعذر الاستجابة لطلبكم». بهذا الرد الطريف، وبغيره من الوثائق جاءنا المالك الاصلي للدراجة النارية ضاحكا ومتحمسا لدراجته النارية التي سرقت منه وتحولت الى موضوع مراسلات ومكاتيب ورفض... والأهم من ذلك سعر إقامتها بالمستودع الذي وصفه ب 5 نجوم.