تعتبر تجربة الفنان علي عيسى نموذجية في الفن التشكيلي وذلك لاتساع مجالها. فهي تمثل حيزا خاصا في مجال الإبداع. لأنها تدفع إلى مساءلة عميقة تتصل بذلك الخيط الرفيع الذي يفصل بين الحرفي كمفهوم وكشخصية في التاريخ وفي الحاضر وبين الفنان ككائن اجتماعي وثقافي في مجتمع تونسي يسعى إلى تحقيق تطور على جميع الأصعدة لاسيما في مجال الفن التشكيلي. وفي هذا الإطار جمعنا لقاء مع هذا الرسام حيث تحدث عن تجربته الفنية وعن نظرته للفن التشكيلي في تونس. بكلمات قليلة كيف تعرف نفسك للقارئ التونسي؟ علي عيسى فنان تشكيلي متخرج من المعهد العالي للفنون الجميلة وعضو مؤسس لاتحاد الفنانين التشكيليين ومنذ سنة 1978 وأنا أشارك بانتظام في المعارض سواء في تونس أو في الخارج، وسنة 1984 أسست الرواق الوطني محراب الفنون التشكيلية بمنطقة باردو. وتجدون سيرتي الذاتية بكاملها في المنجد الفرنسي لاروس. اللوحة التي تنجزها ماذا تعني لك؟ إنها تعبر عن رأيي الشخصي المتأثر بالبيئة التي أعيش فيها، هي مصدر إلهامي، هي جزء مني لأني عندما أرسم لا أتخيل ولو لحظة أنها ستفارقني. هل كل من يرسم يعتبر فنانا مبدعا؟ لا، الرسم لمجرد الرسم قد يعتبر فنّا لكن ليس إبداعا. فالإبداع هو الابتكار واختراع الجديد والرسام المبدع يسمى مبدعا لتميزه في أفكاره المطروحة وفي طريقة رسمه وعرضه لهذه اللوحات. هل أن الفن التشكيلي يعيش أزمة؟ ليست أزمة بأتم معنى الكلمة ولكن لنقل ان الفن التشكيلي أو الفنان التشكيلي يعيش حالة من القلق والاختبار الصعب بين البحث عن الأعمال الابداعية الجادة التي تقدم في المعارض ويتذوقها الجمهور وبين البحث من جهة أخرى على مظلة تحمي حقوقه الفنية والفكرية وتوفر له أبسط وسائل العيش. وهناك في بعض الأحيان أناس ينظرون للفن التشكيلي من باب التندر عندما يصل سعر لوحة ثلاثة آلاف دينار مثلا مستثنين الحديث عن قيمتها الفكرية والإبداعية. إذ مازلنا نحتفي بالفنان بعد موته ليس إلا. برأيك ما هي الحلول الممكنة لاعطاء الفن التشكيلي المكانة التي يستحقها؟ الفنان الحق ذاك الذي يصنع بعدا حضاريا لبلده هو أشبه بالعالم المجرب الذي يقدم العلاج. فتونس تخرج سنويا المئات من معلمي التربية التشكيلية لكنها لا تملك أن تصنع فنانا حقيقيا وهنا تكمن المعادلة الصعبة فتصنيع فن تشكيلي سوي يتطلب زيادة في مساحة الوعي والتثقيف البصري للمجتمع كي يتعرف على أهمية الفعل الثقافي. في المحصلة لا يمكن للفنان أن يبيع أعماله بنفسه ولا يمكن أن يكتب عن نفسه في وسائل الإعلام. فمتى توفرت مؤسسات إدارة أعمال وكتابات نقدية جادة زيادة على دعم الدولة أكثر فأكثر للفن التشكيلي فإن هذا الفن سيصل إلى الجمهور إن عاجلا أو آجلا.