يشهد السجل العقاري نشاطا متزايدا في الترسيمات الحاصلة به ويؤدي بالتالي أدوارا هامة في تنشيط الدورة الاقتصادية في بلادنا مما يجعله دعامة أساسية واحدى ركائز التنمية. ويمكن حصر أدوار السجل العقاري في العناصر التالية: دور قانوني ويتعلق بالترسيم ويتلخص في ما يلي: أولا: المفعول الحفظي للترسيم ويقصد به أن الترسيم يحفظ الحق ما لم يتم ابطاله او التشطيب عليه او تعديله وهذا لا يتم الا بمقتضى صك اتفاقي صادر من صاحب ذلك الحق او حكم قضائي صادر ضده، فطالما كان الحق مرسما، فإنه يظل محفوظا لفائدة المستفيد من الترسيم ولا يكون من الممكن انتقال ملكيته لفائدة شخص آخر عن طريق حوز العقار. وقد كرس المشرع هذا المبدأ بالفصل 361 من مجلة الحقوق العينية. ثانيا: مع اكتساب الملكية بالحيازة أو التقادم في العقارات المرسمة، فالحق المرسم لا يسري عليه التقادم فلا يسقط بمرور الزمن مهما طالت المدة ذلك ما اقتضاه الفصل 307 من مجلة الحقوق العينية. أما الحق غير المرسم بالسجل العقاري فإن حيازته والتصرف فيه بدون شغب وبدون انقطاع مدة خمس عشرة سنة يصير الحائز مالكا لذلك العقار طبقا للفصل 45 من مجلة الحقوق العينية. ثالثا: القوة الثبوتية للترسيم ويقصد به الترسيم يثبت الحق دون الالتجاء الى الصك الذي استند إليه. رابعا : المفعول المنشئ للترسيم ويعني أن الحق العيني لا ينشأ ولا يتكون الا بترسيمه بالسجل العقاري وابتداء من تاريخ ذلك الترسيم وهو ما نص عليه الفصل 305 من مجلة الحقوق العينية. دور اجتماعي إن جملة الآثار القانونية التي يرتبها الترسيم العقاري من حفظ الحقوق وإثباتها ومنع التقادم والمفعول المنشئ تحقق الاستقرار والطمأنينة في نفوس المتعاملين على العقارات وتحمي حقوق المالكين للعقارات المسجلة وتحثهم على مزيد العمل بسبب ما يوفره ذلك العقار للفرد والمجتمع الذي يعيش فيه من سبل العيش وتنوعه لتوفير الانتاج. كما تؤدي الى ضمان الشفافية في التعامل العقاري بحيث يكون المتعامل مع السجل العقاري على بينة من ثبوت حقوق ملكية البائع ومن نسبة استحقاقه في العقار ومن التحملات التي قد تكون موظفة على العقار. فالحق المرسم هو الحق الوحيد الذي يؤخذ بعين الاعتبار وفقا لقاعدة معروفة مفادها ان الحق المرسم موجود والحق غير المرسم غير موجود. دور اقتصادي نظرا للفوائد المتنوعة للسجل العقاري القانونية منها والاجتماعية فقد أصبح يستقطب عددا متزايدا من باعثي المشاريع وأصحاب رؤوس الأموال وفلاحين وغيرهم. فالمتتبع لتطورات السجل العقاري يلاحظ أنه وقع اتخاذ جملة من الاصلاحات التشريعية المتتالية وإصدار مجموعة من النصوص الجديدة أو التنقيحية منذ بداية التسعينات تهدف الى اصلاح أوضاع السجل العقاري واقحامه في الدورة الاقتصادية. وعليه فإن وجود هذه التوجهات الاصلاحية أعادت الحيوية الى القطاع العقاري لأن العقارات هي أدوات ائتمان مثلى يترتب عن استعمالها الحصول على القروض والتمويلات من خلال طمأنة المؤسسات المالية على ما تمنحه للمقترضين وباعثي المشاريع الاقتصادية من أموال تساعدهم على انجاز مشاريعهم مقابل توظيف رهون على عقاراتهم تضمن لهذه المؤسسات استخلاص ديونهم بما يؤدي الى تنشيط الاستثمارات ودفع حركة التنمية في البلاد. توفيق الشرادي موظف المراجع: مجلة الحقوق العينية دائرة التشريع التونسي، القانون العقاري، الجزء الثاني، محمد الطاهر السنوسي، 1646 دائرة التشريع التونسي، القانون العقاري، الجزء الاول والجزء الثاني، بول زايس (Paul Zeis)، 1901