الآن وقد أرخيت جديلتي في زيت غلتنا القديم، وعركت مشط العاج حتى يستفيق ونثرت أنوار العشية وبسطت مرقوم الزفاف، ودعوت كل الظاعنين ليستظلوا مرّي بداليتي ولتسبقي ظلّي إلى بوّابة الحي العتيق، ولتغرقي من ماء بركتنا ولتذكري بدءا بأنك إن شربت فلن تضلّي. ما كنت أنوي أن أقاسمك دمي لولا صديد الروح وتأجج الأحداق من وهج الحريق. ومضة أولى هزّي بحلقة بابنا تفتحْ لك الدنيا ولتعبري حوش الخطافْ ولتنشقي عطر الجرار الراشحه ولتنحني لخميلة الورد المعرّش في القفاف ولتدلفي... إنّي على قلق إنّي على قلق المحبّة فاعذريني ولتبسطي فوقي لحاف القيروان ولتأمري ماء المقام بأن يسحّ على فمي ومري صبايا الاقحوانْ يخفضن صوت الناي في قصب الخيوط ويعدن تفصيل المكانْ هبّي إلى لغتي... وتخيّري ما شئت من نبق وتوتْ وتمدّدي فوق الضفافْ هذا زمان لا يموتْ ومضة ثانية إنّي سأفلي جمّة الغزلان وأرشّ ماء الفلّ في درب الصبايا سأريق عندك ما تبقى من حرير الليل وأصبّ كل الزيت في برق الحكايا.. سأبوح بالأسرار من بعدما ثمل اللسانْ وسأفتح الدرج القديمْ وسأكشف الرقّ المنمنم بالجمانْ... لا ترقصي إن أنت تعتعك البخورْ وشممت ريح الصمغ في قلم القصبْ وتكتّمي إن انت أبصرت السّنا ولمحت حرف القاف في قطع الذهب وترفقي إني على كبد وتمهلي حتى يغادرك النصبْ ومضة ثالثة لا تجزعي إن شعّت الأنوار ورأيت وجه البدر تكسوه الغضون وتريثي إن لاح خفق البرقْ وتفاتنت في البال أهواء الظنون لا تفزعي وتذكري ما راق من أشعارْ وتقدمي لا تحجمي تذعن لك الأقمارْ قولي له يا سيدي يا قبلة السمّار جئناك من بلد النوى جئناك من بلد بعيدْ جئنا وقد لهج اللسانْ بمواجد التغريد جئنا نخاتل في رحابك نومنا ونضيئ بالأسحار نجم العيدْ جئنا بكل بخورنا وعطورنا جئناك بالأقداح جئنا نسابق في فجاجك ليلنا فآمرْ لنا بالراح وآمرْ نديمك يتّئدْ وهن بها الأرواحْ وهن بها يا سيدي وهن بنا وبنا الليالي سهد وبنا الضنا فاقرأ لنا يا سيدي من زخرف الألواح وامر نديمك بالطلا ظمأ بها يا سيدي ظمأ بنا فانثر علينا من قطافك ما دنا واسكب قنانيك اللطافْ وابسط أكفنا بالسنا لا تلقنا بين الضفاف ومضة رابعة سيجيئك الطيف الذي كفّاه كالمصباحْ عيناه من شهب الأفق ويطوف فوقك خلبا نورا عن البرق افترقْ سيريق فوقك عندما آسا ونسرينا عبقْ وسينثني مثل الجناحْ... لا تحجبي عينيك إن هلّ السنا وسمعت صوت الناي يتلوه البزقْ وتقدمي وسط الضيا نجما من الوجد احترقْ سيجيئك الطيف الذي خدّاه كالمشكاة برداه من ريش النعامْ سيقول أهلا بالتي ركبت لنا طيرا تخلّق من غمامْ حييتِ من بلد الصبا حييت من بلد الغرامْ... أهلا بها تلك الصفية في هواها أهلا بها علقتها قمرا وسبحت نورا في سماها أهلا بها مختومة الأحوال والأسرار ومريدة نذرت أكفها للبحار أهلا بتبريح النوى في حرفها أهلا بها بوابة الأسفار والأشعار سيحط كفه في يديك وسيلقي أوراد الصبابة أنغاما على شفتيك ستهللين... وسترتمي كل النمارق والزنابق ترتجي أن تطرد الإعياء من عينيك فلتشربي ادّاك مزنا دافقا ولتشرعي إدّاك قلبك باسقا فجميع من لعق مداد الحرف يصبح عاشقا