ماذا لو نترك الآن «بنت الحسب والنسب» بعد أن تعطّرت وتزينت وارتدت أجمل الثياب ونهتم قليلا بعريسنا وماذا عن استعداداته ليوم الزواج المشهود؟ للرجال سهرتهم الخاصة وهي إما غناء (ربوخ) أو ختم القرآن الكريم أو حفل سلامية أو «عوّادة» من تونس العاصمة. في هذا الوقت يكون حلاق العريس منهمكا في تنظيم الجهاز في غرفة الزوجية واضعا كل شيء في مكانه بنظام معلقا كسوة البيت بالتمام ثم يلتحق بالأحباب والأصحاب وكل من جاء وحضر ليكمل سهرته معهم. وابتداء من هذه الليلة يكون «السيد الحلاق» هو المسؤول عن العريس والمهتم به. حمّام العريس يقوم مدير التشريفات الذي هو حلاق العريس باستدعاء أحبابه وأصحابه للحمام ويذكر الأستاذ حسين الحاج يوسف في دراسته عادات وتقاليد الزواج بمدينة سوسة في النصف الأول من القرن العشرين إنهم يختارون للعريس مدلكا ماهرا من الأصحاب يغسله ويدلكه ويمسده ويعركه ويكون ذلك في جو مرح لا يبقى فيه صغيرا أو كبيرا دون فرح. بعدها يرتاح العريس في المقصورة المفروشة وهناك يوزع البيض المسلوق والمشروبات على كل من حضر ليأخذونه بعد ذلك لحانوت الحلاق للحلق والتقصير واللبس والتعطير. الكسوة لنتوقف الآن عند كسوة السلطان ونرافقه إلى بيت الديوان ونجلسه في الصدارة في غرفته بداره. يقوم العريس بتغيير ملابسه في منزل أحد أصحابه أو أحبابه أو في إحدى الزوايا ويكون حزب سيدي عامر أو سيدي بن عيسى في عمل وإنشاء عندما يرتدي العريس ثيابه من سروال عربي فضفاض وشملة وصدرية وعمامة وشاشية وبلغة وجوارب بيضاء وجبة وبيده مشموم كبير وعلى أكتافه برنس ملف فوق برنس سوستي حرير لينطلق موكب العريس يسير. لكن من يقود الموكب؟ طبعا هو مدير التشريفات السيد الحلاق فينظم الصف يدا بيد وكتفا بكتف والسيد العريس واقف متجهم لا ينبس ولا يتكلم ولا يمدّ كفا ولا يسلّم ووزراؤه حواليه من أحبابه وأصحابه وعمّه وخاله من ورائه لكي لا يصل أحد إلى ردائه. كما يسير برفقته أطفال صغار مصطفّين على اليسار وعلى اليمين وللشموع ماسكين ووالد العريس مسرور وهو يفتل شواربه فخور وعند وصول العريس إلى منزل أبيه يقوم بتحية أحبابه وتكون التحية الأخيرة لحلاقه ثم يقبل والده ليدخل المنزل فتستقبله النساء ويسرعن به إلى غرفته ويجلسنه على كرسي ببابها وأخواته أو أزواجهن بالشموع واقفين على كتفيه.. في انتظار.. بنت الحسب والنسب... عروس الخير.