تحوّلت قاعة المعهد المصري للدراسات الاسلامية بمدريد التي تحمل اسم المؤسس طه حسين مساء يوم 11 ماي الجاري الى مسرح تألقت فيه تونس وخصائصها الفكرية والفنية والاجتماعية والثقافية عامة بمناسبة تقديم كتاب بالاسبانية من تأليف المواطن التونسي المقيم باسبانيا محمد عبد الكافي، عنوانه «حكايات شعبية تونسية». كتاب ترجم فيه صاحبه أكثر من عشرين حكاية من حكايات الشعب التونسي المليئة، كما قال في مداخلته» بالعبر والمبادئ الدينية والأخلاقية التربوية والتوجيهات الاجتماعية من عدل وطاعة الوالدين الى أخلاق الحاكم وسيرته والتنويه بالمرأة ودورها». أمسية تونس، كما أسماها أحدهم، تشرفت بحضور رفيع منوّع يتقدمه سفير مصر الأستاذ ياسر مراد ومدير مكتب الجامعة العربية الأستاذ حسين بوزيد والوزير المفوض بالسفارة التونسية الأستاذ محمد علي النفطي محفوفا بمعظم العاملين بالسفارة والمستعربين الكبيرين كارمن رويث برافو وبيدرو مارتيناث مونتابث وغيرهما من نساء ورجال الفكر من عرب وإسبان. افتتح الحفل مدير المعهد الدكتور السيد سيد سهيم الذي استلم منصبه حديثا، فكانت المناسبة افتتاحية نشاطه فعبر بكلمة مختصرة عن سعادته بتقديم كتاب قيّم يعرّف بمجتمع تونس وثقافته وتراثه، واقترح على الكاتب أن يفكر في نشره بالعربية أيضا. ثم أعطيت الكلمة الى الصحفي والكاتب الأرجنتيني الذي تولى تقديم الكاتب والكتاب فكال لهما من المديح ما طاب له، مركّزا صلب مداخلته على التعايش بين مختلف الأديان والثقافات، مستغربا من التفات اسبانيا الى جيرانها في الشمال وعدم منح الاهتمام اللازم لجيرانها بالجنوب، أي بلدان المغرب العربي. عرّج كذلك على الظواهر الغريبة بالمجتمعات الغربية التي تتشبث بسطحيات مثل مقاومة الحجاب أو المآذن ولا تتوغل في أعماق الثقافة التي تتميز بها المجتمعات الاسلامية عموما. وبعد ابداء رأيه الايجابي بخصوص الكتاب طلب من المؤلف أن يطور المقدمة التي شرح فيها الكثير من العادات والتقاليد في المجتمع وصلاحية الحكايات للدراسات من كل نوع. بعد كلمة مختصرة من الناشر الذي شكر الحضور وعبر عن امتنانه لاهتمام الشخصيات المرموقة التي حضرت تقديم العمل الذي « أعتبره من أحسن ما قدّمته دار نشرنا دار ميراغوانو لميزات عدّة، منها عمق المعاني والأبعاد في الحكايات المختارة، والأسلوب الطريف الخفيف الذي انتحاه الكاتب الى غير ذلك من الخصائص التي جعلتني أبادر بنشره»... أحيلت الكلمة الى المؤلف فركز على دور المهاجر المثقف وواجبه نحو وطنه الأصيل وموطن اقامته، فألح على أن عليه تعريف الطرفين أحدهما بالآخر مشيرا أنه شخصيا قد نهج ذلك المنهج فحاول بمؤلفاته التعريف تعريفا حقيقيا بتونس وخصائصها بين الاسبان وتعريف حقيقة اسبانيا لقراء العربية. ثم تعرض بدوره لمشاكل التعايش ولفت النظر لسطحية الأحكام التي تصدر على الشعوب - خاصة الشرقية - من لدن زائريها الغربيين، وطالب بمزيد التعمق والصدق في الأحكام والتعليقات والمفاهيم. وختم مداخلته بالدواعي التي جعلته يختار الحكايات الشعبية لتقديمها الى قراء لغة ثربانتس فقال انه يرى فيها مادة تزخر بالمبادئ والمثل التي تساهم وتؤثّر في تربية الصغار وغير الصغار ثم انها مادة زاخرة بالمواضيع التي تهم الدارسين الانسانيين والمؤرخين والاجتماعيين وحتى المدافعين عن المرأة لأنها، كما يقول، تلعب دورا بارزا في تلك الحكايات وهو ما يدل على قيمة المرأة في المجتمع التونسي والعربي عامة خلافا لما يدعون. ختم الحفل بأسئلة الحاضرين والأجوبة من الكاتب فأنار ما وجبت انارته وانتهى الجميع يتبادلون الحديث والتعليقات حول أطباق الحلوى وكؤوس الشاي.