الكفيف يرسم لوحات تشكيلية جميلة والكفيف يستعمل الحاسوب ووسائل الاتصال الحديثة باقتدار لافت.. تحقّق هذه الكفاءات ليس من باب التمنّي وإنما هو حقائق واقعة تجلّت بمناسبة تظاهرة «مواكبة التلميذ الكفيف لإيقاع العصر» التي انتظمت يوم 26 ماي الفارط بفضاء المدرسة الاعدادية للمكفوفين ببئر القصعة ببن عروس. حضور لافت لمسؤولي وزارة التربية والسلط الجهوية ووجوه من جمعيات المجتمع المدني والناشطين في المجال الانساني شهد فعاليات هذه التظاهرة التي أقيمت في سياق الاحتفال باليوم الوطني للمكفوفين.. الحاضرون أبرزوا في مداخلاتهم وما دار بينهم من حوار أن فقدان نعمة البصر لم يمنع المواطن التونسي من التواصل مع سائر أفراد مجتمعه والانخراط معهم من موقعه في مسار التميز والابداع وتحقيق المصالح الوطنية.. هذا ما تأكد فعلا في تظاهرة «مواكبة التلميذ الكفيف لإيقاع العصر» حيث تجلّى التفاعل العلائقي بين كل الحاضرين على حدّ سواء.. حيث استعرضت مجموعة من تلاميذ المدرسة الاعدادية للمكفوفين ببن عروس مهاراتهم في عروض الفن الرابع من خلال عمل مسرحي قدّموه أمام الحاضرين ومن خلال استعراضات رياضية ومن خلال ورشة عمل تطبيقية توضح إمكانية استعمال الكفيف للحاسوب وتقنيات التواصل المعلوماتية ا لحديثة.. قدرات التلميذ المكفوف لم تقف عند هذا الحد بل تجلّت أيضا من خلال معرض للوحات من الفن التشكيلي ورسوم مائية أو زيتية متباينة الألوان والأشكال والمضامين الجمالية.. الصور في هذه اللوحات كانت لافتة للانتباه حقا بما انكشف فيها من قدرة الكفيف على التمييز بين الألوان والتحكم في توزيعها وتمثيل عناصر وموضوعات طبيعية وحضارية على غرار الورود زاهية الألوان والشمس المشرقة والسماء الزرقاء والغيوم والمنازل.. أما الصياغة ففيها الكثير من الحسّ الجمالي البصري الذي تكثف عند الكفيف في حاسّة اللمس على حدّ ما ذكره لنا بعض المختصين.. التظاهرة أثثتها كذلك احتفالية موسيقية وغنائية بمساهمة «فرقة مسرح الخيمة» وعلى هذا النحو تواصلت الفنون المرئية والمسموعة لتشكّل هي الأخرى مشهدا حميميا لم نشعر أثناءه باختلاف بين إبداع المبصر وإبداع من فقد نعمة البصر وتوقّدت بصيرته.