فاطمة الشريف احدى المبدعات التونسيات في مجال الأدب، منتظمة في نشر كتبها منذ سنوات، اذ صدرت لها أربع مجموعات شعرية هي «لست من رحم حوّاء» ثم «أيصبح الطين طيبا» ثم «وطن يعاقر الانتظار» ثم «سوق الأيادي»، كما صدرت لها رواية بعنوان «عذراء خارج الميزان». الى جانب ذلك فإن فاطمة الشريف معروفة منذ سنوات طويلة بمشاركاتها في العمل الجمعياتي ضمن عديد الجمعيات، وعُرفت في المجال النقابي باعتبارها كاتبة عامة نقابة جهوية للقيمين العامين، نشاطها النقابي هذا هو الذي جعلنا نحاورها باعتبارها من العناصر المؤسسة لنقابة كتّاب تونس. تعمل مجموعة من الكتاب منذ مدّة على بعث نقابة كتاب تونس ويبدو أنك من العناصر الفاعلة في هذه المجموعة؟ إنه شرف لي أن أكون أحد العناصر الفاعلة في هذه المجموعة المستقلة في طرحها وطموحاتها بعيدا عن أي تجاذبات لا تمت للأدب بصلة وعن أي حسابات لا تخدم مصلحة البلاد والكتّاب، فبالحب والفعل المسؤول والطرح الصادق للقضايا العالقة اجتمعنا وبطلب من خيرة كتاب تونس وهو سلوك حضاريّ وطبيعي من نخبة البلاد لارساء تقاليد جديدة لطرح المشاكل وللتحاور قصد المعالجة والاطمئنان فاطمئنان الكاتب على يومه وعلى غده وعلى ما يكتب وما ينشر سيخلق منعطفا جديدا للابداع ولكسر الهوّة بينه وبين القارئ فليس صحيحا ان تأزّم الكاتب مفتاح ابداعه!! منذ سنوات ونحن نسمع ونقرأ: كتاب تونس مستاؤون وقلقون ويطمحون ويرغبون ويتخاصمون على أعمدة الصحف وآخرون في صمت يتمنون الموت الفعليّ بمغادرة الحياة أو الموت المعنوي بالانقطاع تماما عن الكتابة، وكلاهما موت فعليّ للكاتب لأن قلم الكاتب الحقيقي هو الروح التي تدفع بروحه الى الراحة ومواصلة الرحلة. والحقيقة ان الكاتب تجاوز مرحلة القلق واليأس الى مرحلة الاحباط في خضم دمار الانتظار والوعود وسياط الأمل قبل مؤتمرات اتحاد الكتاب وفي خضمّها وبعدها، صارت الحالة مرضيةومزمنة وكان لابد من خطوة فعلية بعيدا عن المسكّنات وعن الأوهام وبدل الانتظار على باب يفتح ثم يغلق دون دخول نسمة أمل كان لابد من محاولة فتح باب آخر أو شبّاك «لتهوئة» منزلنا الأدبي. ما هي أهداف هذه النقابة؟ أهداف هذه النقابة خلق هيكل فاعل يستجيب الى طموحات الكتاب الاجتماعية والأدبية. لقد تراكمت الملفات منذ سنوات دون فتح فعليّ أو معالجة حقيقية أو وعد ينفّذ بعد طول انتظار، تعب الكاتب من مسألة النشر والتوزيع والتعريف بابداعه وأثقل كاهل عائلته بمسألة الطبع على نفقته بعد طرق الأبواب الموصدة وتعب الكاتب من الخوف على يومه وعلى غده، علىصحّته وعلى ابداعه تصوّروا كاتبا أو شاعرا يدعى للقيام بمداخلة او أمسية من شمال البلاد الى جنوبها او من جنوبها الى شمالها فيتقاضى مبلغا دون معلوم التنقّل، ثم إن خيرة أدباء تونس أصبحوا يعتذرون على عدم تلبية دعوات خارج تونس للتعريف بالأدب التونسي لأنه منذ سنة يدفع أقساط تذكرة آخر سفرة، هذه حالة الكتاب الذين يتقاضون راتبا شهريا فتصوّروا حالة عديد الكتاب الذي لا يتمتعون بعمل قار وليسوا قلّة فهذه مغالطة. قرابة 20٪ من الكتاب عاطلون وقرابة 60٪ لا يملكون مسكنا وقرابة 70٪ أو أكثر يعانون من أمراض مزمنة أو نفسية وهي ضريبة الابداع، قدر الكاتب أن يعطي أحلى أيام عمره وأن يرهق جسمه وقلبه داخل المجتمع وبين دفاتره فلماذا لا نطمئنه ونعوّض بعض عطائه حتى لا ينضب نبعه ستحقق النقابة حُلم الكاتب في الاطمئنان وحلمه في التعريف بشخصه وبابداعه دون معوقات، سنطرح حلولا لمسألة النشر والتوزيع عن طريق التشاور مع الكتاب والاستماع لكل المقترحات التي قد تعزّز مكانة الكاتب والكتاب داخل الأسرة والمجتمع وخارج البلاد فقد وصل الأدب التونسي الى مرحلة الافتخار والاحتذاء به، وهناك أسماء غابت عن الساحة الثقافية بعد يأس ولابد أن تعود فتونس للجميع،وبالحب والعطاء سنفتخر ونفاخر. وكيف ستكون علاقتها باتحاد الكتاب التونسيين؟ إن النقابة هي نقابة عموم الكتاب ولا يحق لأحد اقصاء أحد. وأعضاء اتحاد الكتاب هم كتّاب لذلك فباب نقابة الكتاب مفتوح على مصراعيه لكل الاعضاء، نقابة الكتّاب اضافة للكتاب وللأدب التونسي وستعمل الى جانب اتحاد الكتّاب لأن مفهوم الاقصاء او الالغاء ممنوع كسلوك حضاريّ أو كفعل وطنيّ، تؤمن نقابة عموم الكتاب بضرورة العطاء والاحاطة بالنسبة للكتاب وللبلاد سواء الى جانب اتحاد الكتاب او بالتعاون معه، فالمصلحة العامة للأدب وللأدباء قد تجمعنا وقد تفرّقنا وهناك أعضاء باتحاد الكتاب أبدوا استعدادهم للانخراط في النقابة وهناك من انخرط فعليا. وعمليا أين وصلتم بمشروعكم؟ لقد رحّب الاتحاد العام التونسي للشغل بالكتاب التونسيين على غرار الموسيقيين والفنانين التشكيليين باعتبارهم نخبة البلاد بالفكر ووعد بالتعامل الجدّي مع فريق جدّي من أجل المسائل الاجتماعية والأدبية للكتاب دون اقصاء أو تهميش واشترط الالتزام بقوانين تشكيل نقابة وعدد منخرطيها وكان ذلك كبداية طيّبة وجديّة خصوصا وقد لاحظ التفاف الكتّاب حول الجماعة المؤسسة. حاليا أخذ الكتاب بطاقات عضويتهم وحدّد موعد المؤتمر يوم 13 جوان على الساعة العاشرة صباحا، وفتح باب الترشحات الى غاية يوم 10 جوان نأمل الآن ان يختار الكتاب بكل جدية أدبية ومسؤولية تاريخية أعضاء المكتب الذين عليهم التنسيق مع اتحاد الشغل ووزارة الثقافة من أجل الأدب والأدباء وإن أمكن مع اتحاد الكتاب أيضا. هل أنت الكاتبة الوحيدة التي انخرطت في هذه النقابة؟ الكاتبة الوحيدة التي انخرطت في عملية التأسيس لكن خيرة كاتبات تونس انخرطن منذ بداية عملية بيع الانخراطات واعتبرن الحدث تاريخيا ونذكر على سبيل المثال لا الحصر الكاتبات رشيدة الشارني وحفيظة قارة بيبان وهاجر ريدان وفاطمة بن فضيلة ودليلة الزيتوني وآمال موسى... ففي مجال الأدب لا يجب ان تكون هناك مسافة فاصلة بين امرأة ورجل... وستعمل نقابة عموم كتاب تونس على سحق كل المسافات بين نخبة تونس فالفكر ورفعة البلاد وتقدم مجتمعنا وتوعية الجيل الجديد مسؤولية الكاتب والسينمائي والمسرحي والفنان التشكيلي والموسيقي. كفريق مؤسس لأول نقابة للكتاب تكونين امرأة كاتبةوسط مجموعة من الكتّاب، ألم يطرح ذلك بعض الاشكاليات عند اتخاذ القرارات خصوصا؟ الكاتب التونسي وصل الى مرحلة من النضج الابداعي نفتخر بها وعليه أن يفاخر بها فكيف تتصوّر أن تحدث اشكاليات لأنني كاتبة امرأة وسط كتّاب رجال، أكبر دليل على أن الجماعة المؤسسة للنقابة جماعة جديّة وتبحث عن البديل والقرارات الحازمة والحاسمة لتعزيز مكانة الكاتب أنهم اعتبروا أنه من الحكمة الاستعانة بمجهوداتي نظرا لأعمالي في مجال العمل النقابي والمنظماتي الى جانب الادب لأنهم ككتاب يريدون امرأة تقرر معهم وترفض ان اقتضى الامر وأريد أن أنوّه في هذا الخصوص برفعة الحوار وصدق النوايا ورحابة الصدر في النقاشات معي خصوصا من لدن الكاتب الأسعد بن حسين وسامي السنوسي وجمال الجلاصي على سبيل المثال لا الحصر لأن قائمة أدباء تونس طويلة وهم أدباء ننتظر منهم الكثير وهم قادرون على العطاء والتشاور ثم الانجاز فيكفي أن تعلم أن للكتاب حلما بسيطا منذ سنوات ألا وهو بعث جريدة أدبية!! يبدو أن لك تصوّرا خاصا بك لدور الكاتب والمثقف في المجتمع؟ هو ليس تصوّرا خاصا بي هو التصوّر الطبيعي للكاتب والمثقّف هو مرآة المجتمع وعلينا الاعتناء بها والمحافظة عليها لأن في ذلك محافظة على صورة المجتمع والبلاد. وعلى الكاتب والمثقف عموما أن يكون مسؤولا وفاعلا وأن لا يكون سلبيا او أنانيا أو انتهازيا، عليه أن يقول للمخطئ أخطأت ويكفي وللمصيب أصبت وشكرا عليه أن يزرع الحب وبصمة الاعتزاز أينما حل عليه أن يعشق البلاد ويدعو لها بالعزة والنماء في تظاهراته وفي خلوته، على المثقف أن يحلم بالبقاء قبل الرحيل... بالحياة بعد الموت.