مثل تطوّر العادات الغذائية لدى التونسيين في السنوات الأخيرة وتأثيره على صحة الافراد وعلى الميزانية الأسرية وعلى الشأن الاقتصادي بشكل عام محور يوم دراسي نظمه امس المعهد الوطني للاستهلاك قصد تشخيص النظام الغذائي المتداول حاليا في تونس والنظر في إمكانية تحسينه ليكون متماشيا مع كل المتطلبات الصحية والمالية والبيئية، وهو ما أكده السيد علي الغربي مدير المعهد الوطني للاستهلاك في كلمته الافتتاحية لهذا اليوم الدراسي. وأجمع المتدخلون انه لم يعد هناك مجال اليوم في بلادنا للحديث عن نقص في التغذية من الناحية الكمية وذلك نظرا لتطور مستوى المعيشة وارتفاع معدّل التدخل الفردي وتوفّر المواد الغذائية وتنوّعها وتعدد فضاءات بيعها وقربها من المواطن.. لكن مع ذلك كله، فإن الحديث عن الجانب الكيفي للتغذية (من حيث المنفعة الغذائية والسلامة الصحية وطريقة الأكل) أصبح يفرض اليوم مزيدا من الاحتياط ولم لا مراجعة قائمة ما نأكل ونشرب ومراجعة كيفية تناولنا للغذاء رغم ان الاضافة الطاقية اليومية للاغذية (الكالوريات) تطوّرت في السنوات الأخيرة لدى الرجال والنساء. خارج المنزل كشفت إحدى الدراسات المستعرضة في اليوم الدراسي المذكور عن توجه ملحوظ لأغلب التونسيين نحو تناول الغذاء خارج المنزل وذلك لعدة اسباب... كما كشفت الدراسة ايضا عن تراجع دور المطبخ المنزلي رغم تطوّر التجهيزات المستعملة فيه إضافة الى تراجع كبير في إعداد المواد الأولية للأكلات داخل المنازل (العولة التوابل...) وهو ما يزيد في الإقبال على الاكل خارج المنزل... وينضاف الى ذلك تغيّر في النكهة المحبّذة لدى الشبان في الاغذية والتي تميل أكثر فأكثر نحو «أكلة الشارع». ويأتي الكسكروت (الكفتاحي التن الشوارمة) والقازوز والقهوة والشاي على رأس قائمة الاغذية الاكثر استهلاكا في «الشارع». حبوب وخبز.. تحدّثت الدراسة المذكورة من جهة أخرى عن ارتفاع ملحوظ في معدل استهلاك التونسيين للحبوب ومشتقاتها (عجين غذائي خبز..). والذي يبلغ 183 كلغ للفرد في السنة وهو ما يؤدي الى مساهمة الحبوب ومشتقاتها في 59٪ من مجمل البروتينات النباتية التي تدخل جسم التونسي. ورغم أنه سجل تراجع عن الثمانينات حيث كان في حدود 210 كلغ للفرد في السنة الا ان التراجع لوحظ فقط على مستوى مشتقات القمح الصلب (الكسكسي المحمّص المقرونة) والشعير مقابل ارتفاع في استهلاك مشتقات القمح اللين (الخبز البيتزا...) وهو ما يعدّ تطوّرا سلبيا باعتبار تسبب كثرة تناول مشتقات القمح اللين في مساوئ صحية على غرار السمنة.. وينفق التونسيون على الحبوب 16٪ من نفقات الغذاء وهو معدل منخفض بالنظر لانخفاض أسعارها (مدعومة). غذاء صحي؟ أظهر استجواب لعيّنة من المستهلكين في إطار دراسة حول السلامة الصحية للأغذية التونسية ان 60٪ من المستجوبين يعتقدون ان الأغذية التونسية المروّجة في السوق سليمة من الناحية الصحية.. وتعود اكبر نسبة من الرضا الى الحبوب ومشتقاتها والقهوة والشاي والمياه المعدنية.. اما أكثر المخاوف فتهم اللحوم والاسماك والمصبّرات.. وتعود نصف مخاوف التونسيين من المخاطر الصحية الى ظروف الصنع التي تثير شكوكا عديدة ثم الى ظروف النقل والعرض والاضافات الغذائية للمصبرات.. وعن أكبر ثقة يمنحها المستهلك للأغذية السليمة صحيا فتعود للحليب ومشتقاته.. ويعترف جانب هام من المستجوبين انهم يطلعون على التأشير المكتوب على المعلبات الغذائية لكن لمعرفة تاريخ الصلوحية بالنسبة الى جانب هام منهم.. الأطفال والإشهار تحدّثت احدى الدراسات عن تأثير الاشهار على قفة غذاء الأطفال الصغار (في رياض الأطفال) حيث اتضح ان جانبا هاما جدا من المواد الغذائية التي تضعها الأم في قفة صغيرها قبل توجيهه الى الروضة هي مصنّعة وأغلبها حاضر في الومضات الاشهارية وهو ما يبيّن تأثير الاشهار على خيارات الأطفال وأوليائهم. وأغلب هذه المواد هي الحليب ومشتقاته خاصة الياغرت التقليدي والجبن (مثلثات) والبسكويت وغيره من مشتقات الحبوب (كايك خبز..) ومن بعدهما المشروبات ومواد أخرى..