عاش موسى بن نصير في مصر في خدمة عبدالعزيز بن مروان إلاّ أنّ رغبة شقيقه عبد الملك بن مروان في تثبيت أسس الدولة الأموية في العراق جعلته يكلّف أبنه بشر بولاية العراق وتعيين موسى بن نصير مستشارا له سنة 74هجري (693م) وكان بشر بن مروان صغير السّن وقد جاء في خطاب التكليف «إنّني قد وليّت أخاك بشرا البصرة، فأشخص معه موسى بن نصير وزيرا ومشيرا ،وقد بعثت إليك بديوان العراق، فإدفعه إلى موسى، وأعلمه أنّه المأخوذ بكل خلل وتقصير ،فشخص بشر من مصر الى العراق، ومعه موسى بن نصير حتّى نزل البصرة، فلمّا نزلها دفع الى موسى خاتمه، وتخلّى عن جميع العمل ...» هذه الثقة التي ورثها موسى بن نصير عن والده في خدمة البيت الاموي تؤكّد الخصال التي كان يتمتّع بها وخاصة قوّة الشخصية وقدرته على الحسم والشجاعة في اتخاذ القرار وهي الصفات المطلوبة من أي قائد في مرحلة مهمّة من بناء الدولة. توفّي بشر بن مروان فجأة وخلفه الحجّاج بن يوسف في ولاية العراق وبتولّي الحجّاج الحكم في العراق بدأت متاعب موسى بن نصير فقد إتّهمه الحجّاج بسوء التّصرف في أموال الخراج والإستئثار بها لنفسه وطلب من عبدالملك بن مروان الإذن له بالقبض على موسى بن نصير وتقديمه للمحاكمة لكن موسى علم بما يدبّره الحجّاج قبل تنفيذه فغادر العراق متخفّيا الى دمشق. وبوساطة من عبدالعزيز بن مروان والي مصر تمكّن موسى من مقابلة عبدالملك بن مروان الذي كان غاضبا منه وفرض عليه دفع غرامة بمائة ألف دينار لم يستطع دفعها إلاّ بمساعدة من صديقه عبدالعزيز بن مروان الذي دفع نصف المبلغ ومكّنه من دفع الباقي على أقساط شهرية. هذه الحادثة التي أجمع حولها المؤرّخون لا تعني الشكّ في الذّمة المالية لموسى بن نصيربقدر ما تعني حدّة الخلاف بينه وبين الحجّاج بن يوسف الذي كان يرى في موسى منافسا له .