قطعة عظم صغيرة استقرت اثناء تناول طعام الافطار في مدخل المعدة, استوجب تدخلا جراحيا لاستئصالها وانتزاعها من مكانها الا ان التدخل الطبي أسفر عن نزيف دموي حاد بسبب تمزق احد شرايين القلب انتهى بموت شاب السابعة والعشرين داخل المصحة وبغرفة الانعاش وإثر ذلك تم فتح تحقيق عدلي لكشف خفايا الواقعة. حائرة النظرات تحمل من الالم الداخلي الشيء الكثير وهي تتفحص بين أصابعها بين الحين والاخر قطعة العظم الصغيرة التي اعطاها اياها الاطباء فتعيدها مع كل لمسة جديدة الى القارورة الصغيرة حيث تحتفظ بها الى تاريخ لا تعرفه لكنها تدرك فقط انه يتبع تاريخ وفاة شقيقها فرجاني عبد الغني البالغ من العمر 27 ربيعا فقط ويشغل خطة سائق تاكسي و الذي نقلته يسير على قدميه الى المصحة للحصول على صور اشعة تحدد مكان استقرار ذاك العظم وتحديده الا انه خضع إلى عملية جراحية أدت بدورها الى عملية جراحية ثانية اودت بشبابه. طعام الافطار لطيفة شقيقة الضحية فرجاني تحدثت للشروق عن تفاصيل ما حدث خلال اليومين اللذين قضاهما شقيقها في المصحة والذي لم يغادر اروقتها الا لغرفة الاموات بكثير من التفاصيل التي ما زالت اسئلتها عالقة بداخلها تبحث عن اجابة. تقول لطيفة: «يومها كان يوم الاثنين حين جلسنا الى طاولة الافطار معا كان العشاء متكونا من قطع لحم ومن السمك اثناء الافطار غصّ شقيقي فنصحناه بشرب الكثير من المياه وفعلا هذا ما حدث رغم انه احس ببعض الألم هو عبارة عن وخز إبرة على مستوى اعلى المعدة اعتقدنا انها ربما تكون شوكة سمك. اثر الافطار غادر شقيقي البيت للعمل الا انه عاد في حدود العاشرة متألما من جديد فنقلته الى عيادة طبيب مجاورة حيث مكنه من بعض الأقراص ونوعا من الزيوت واعلمه انها قد تكون فعلا شوكة من طعام السمك وان عليه فقط اجراء فحص بالانبوب لمعرفة نوعية هذا الشيء الغريب المستقر في غير محله .تسكت لطيفة لحظات قبل ان تضيف: «حوالي الواحدة ليلا رافقت شقيقي الى هذه المصحة حيث فحصته مختصة في امراض المعدة وقالت لنا انه ممكن ان يكون قرح بالمعدة ومن جديد نصحتنا بانجاز صور بالانبوب ومن يوم الاثنين الى يوم الخميس كانت حالة شقيقي عادية جدا فهو يعمل ويأكل بصفة عادية الا وخز تلك القطعة المشبوهة التي حين عدنا بعدها الى المصحة اعلمونا بكونها قطعة عظم طولها حوالي 3صنتمتر وهي مستقرة في اعلى مدخل المعدة وانها تشكل طريقة وقوف شبه عمودية وغير متحركة اي انها ثابتة من الجانبين بسبب دخولها في محيطها وبالتالي فإن نزعها يتطلب تدخلا جراحيا هكذا اعلمنا الطبيب المختص الجراح الذي حضر الينا صحبة طبيب التخدير وقال لي ان العملية لاخراج العظم تساوي 8 ملايين من المليمات. وافقنا على العملية لكن لم تكن التكلفة ستعنينا فالمهم هو أن يقع نزع ذاك العظم من أعلى مدخل المعدة لشقيقي. واكد لي الطبيب المختص ان العملية باهظة لانه سيضطر الى فتح صدر شقيقي لاخرج الجسم الغريب ومنه الى اغلاق الخنجرة حيث سيتناول شقيقي طعامه طيلة الاشهر الثلاث القادمة من انابيب على مستوى جنبه . فوافقنا على العملية مادام اخي سيكون بخير واتفقنا ان يكون تاريخ اجرائها صبيحة يوم الجمعة الا ان الطبيب وبحكم عمله الاصلي في المستشفى فقد حضر في الحصة المسائية الى المصحة حيث انطلقت العملية في الساعة الواحدة ولم تنته الا في حدود الخامسة غادر فيها الطبيب غرفة العملية مرفوقا بالعظم وسألني ان كان اتفاقنا مازال ساريا بخصوص مبلغ 8 ملايين فاكدت له ذلك خاصة وان العملية ناجحة كما كان مفترضا . حين افاق اخي لحظات فقط من غيبوبته اثر العملية لم ألاحظ اثار عملية جراحية كما قال الطبيب على مستوى الصدر او البطن وانما كان فم شقيقي منتفخا جدا كما وجدت 3 ثقوب ربما من اثار دخول انبوب التصوير فقط فسألت احد الممرضين عن سبب هذا الانتفاخ فاعلمني بكونها بسبب الدواء اذ يبدو وان العظم تم اخراجه من مستوى الفم الا اني لاحظت دماء من مستوى جنبه قال عنها الممرضين ايضا انها مجرد افرازات عادية للجرح الا ان اخي بدت حرارته مرتفعة ووجهه شاحب جدا الى درجة الاصفرار والعرق يتصبب منه . نزيف بالقلب تسكت السيدة لطيفة من جديد وهي تتفحص تلك القارورة الصغيرة التي تحتوي على قطعة العظم المتأتي من طعام الافطار «مصلي في الكوشة» قبل ان تواصل حديثها: «لقد منعونا صبيحة يوم السبت من رؤيته فعلمنا ان مكروها حدث لقد كان شقيقي حينها في غرفة العمليات حين ابلغونا بوفاته بسبب عرق في القلب تمزق ولا ندري كيف حدث هذا وهل له علاقة بكونهم نفخو صدر اخي لاخراج العظم منه في تلك اللحظة وحين عرضوا علينا نقل شقيقي او بعبارة اوضح جثته رفضت وطالبت بابلاغ السلط وعرض شقيقي على الفحص الطبي لاننا نريد معرفة ما حدث بالضبط في العملية الاولى كما نريد معرفة علاقة العملية بنزيف القلب وتمزق احد الشرايين : احد الموظفين اتصل بالسلط الامنية واعلمهم بكوننا نرغب في تهريب جثة ابننا والعكس هو الصحيح كنا مصدومين لكن مصرين على فتح تحقيق عدلي في الوفاة لمعرفة الحقيقة لشقيقي ليس الا ومعرفة علاقة ذلك العظم بالشريان الممّزق في القلب». وعلمت «الشروق» ان النيابة العمومية بابتدائية تونس قد أذنت بفتح تحقيق عدلي لتحديد المسؤولية في وفاة هذا الشاب فرجاني عبد الغني في انتظار ما ستؤول إليه التحاليل ونتائج الفحوصات لتحديد المسؤولية .