هكذا قال والعهدة عليه دون سواه: أرجوك لا تضحك وضعني في خانة المجانين إن وجدت في ما أقول ضربا من الجنون أو الجنون نفسه. قلت هات ما عندك، قال: ألا يكون الحق إلى جانبي إن نهضت في كل صباح لا أحتسي قهوتي وإنما أسارع الى المرآة لرؤية وجهي إن بقي حقا هو وجهي أم لا؟ وأجند حواسي الخمسة لا للتأكد من أن الوجه هو حقا وجهي وإنما ليطمئن قلبي إن أنا حقا مازلت أنا؟ قلت معك حق ما دام الوجه هوية وما دامت الناس بوجوهها قال: أغلب الوجوه التي أعرفها في الصباح تتغير في المساء والعكس صحيح وهكذا دواليك على مر الأيام وهكذا يتغير الوجه من بطاقة هوية الى بطاقة تسويق بيع وشراء ومقايضة وربح وخسارة في سوق «شريان الوجوه». قلت زدني زاد اللّه في زادك أسمع «بشريان الوجوه»، ولكن لا أعرف شيئا عن سوقها؟ قال هي تماما كسوق خردة السيارات مهما كانت فيها القطعة رخيصة يشتريها من يحتاج إليها بأي ثمن كذلك الوجوه المستعملة كقطع الغيار المستعملة تماما؟ قلت إذن لا تُباع في هذه السوق إلا الوجوه الخردة المستعملة؟ قال لافضّ فوك. وقد يصبح فيها من لا وجه له صاحب جاه ووجاهة برتبة «هباط» للوجوه الهابطة على ناقة الله وسقياها. قلت وما دعاك الى تفقد وجهك في كل صباح؟ قال الزمن متغير ولا يستقر لحظة على حال فحتى وجه رئيس أمريكا تغير من أبيض الى أسود ووجه المناخ على وجه الأرض بطم طميمه تغيّر وحتى وجه البطاطا تحت الأرض تغيّر فما بالك بوجهي أنا الذي يأبى أن يراه عرفي حتى أنه كلما رآني أمامه اغتاض وصاح في وجهي: «بدّل وجهك».