أصدرت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس خلال أحد الأيام القليلة الماضية حكمها في قضية العمدة والمساكن الاجتماعية التابعة لصندوق التضامن 26 26 وذلك بسجنه لمدة أربعين عاما فيما قضت بسجن شريكه لمدة ستة أعوام.. وكانت النيابة العمومية قد أحالت المتهم الأول وهو عمدة باحد أحياء مدينة سكرة الواقعة شمال العاصمة، من أجل الارتشاء من موظف عمومي وهو الباعث على ذلك،في 17 قضية فيما أحالت المتهم الثاني من أجل المشاركة في ذلك قضيتين وتمت احالتهما على معنى أحكام الفصول 83و84و32 من المجلة الجزائية. واستندت النيابة العمومية في توجيه التهم الى العمدة وشريكه على وقائع مفادها تعمد الأول ايهام عدد من المواطنين البسطاء الفقراء بقدرته على تمكينهم من مساكن اجتماعية على حساب الصندوق الوطني للتضامن 2626 وكان يحصل على مبالغ مالية في حدود 1600دينار عن الشخص الواحد. وحسب ملفات القضية فإن معلومات بلغت الى بعض المواطنين مفادها أن عمدة سكرة يمكنه المساعدة في الحصول على محلات سكنية من صندوق 2626 وتمكن بعضهم من التعرف على شريك العمدة الذي اوصلهم اليه وبعد أن حصل العمدة على المبالغ المالية لم يتمكن من تلبية طلب الراغبين في الحصول على مسكن بطرق ملتوية وغير قانونية لذلك طالبوه بارجاع أموالهم لكنه عجز عن الايفاء «بالتزاماته» وتمكين المتضررين مما أعطوه اياه وفي احدى القضايا تمكن من ارجاع مبلغ ألف دينار الى أحد المطالبين لكنه لم يرجع كل الأموال التي حصل عليها بعنوان توفير مسكن اجتماعي. توجه المتضررون الى القضاء وقررت النيابة العمومية فتح تحقيق في القضية ثم صدر الاذن بتتبع العمدة وشريكه المشتكى بهما. اعترف المتهمان بما نسب اليهما وتمت احالتهما على أحد قضاة التحقيق ثم قررت دائرة الاتهام بمحكمة تونس الابتدائية احالة المتهمين على أنظار احدى الدوائر الجنائية المختصة لمقاضاتهما من أجل ما نسب إليهما. ورأت قانونا أن العمدة بصفته تلك يعتبر موظفا عموميا سواء بانتمائه الى وزارة الداخلية التي تعد مصلحة من مصالح الدولة بالاضافة الى ذلك فانه يعتبر مأمورا عموميا بموجب القانون وذلك على معنى أحكام الفصل العاشر من مجلة الاجراءات الجزائية مما يجعل صفة الموظف العمومي على معنى أحكام الفصل 83 متوفرة اضافة الى ذلك فإن اشكالية ترسيم المساكن رغم أنها ليست من وظائفه بصورة واضحة ودقيقة إلا أن تدخله قد يكون حاسما في اسناد بعض المساكن الاجتماعية من قبل الدولة وان طلبه مقابل ذلك لمبلغ مالي يعد اخلالا بواجبه ويشكل في جانبه جريمة الارتشاء من موظف عمومي وهو الباعث على ذلك كما أن المتهم الثاني والذي اقتصر دوره في تقديم الأشخاص الراغبين في الحصول على مسكن الى المتهم الرئيسي يجعل الأركان القانونية بجريمة موضوع الارتشاء قائمة في جانبه كمشارك على معنى أحكام الفصول 32و83و84 من المجلة الجزائية. احيل المتهمان أمام هيئة الدائرة الجنائية الرابعة اذ اعترف المتهم الأول بما نسب اليه فيما أنكر المتهم الثاني التهم الموجهة له وتراوحت طلبات الدفاع بين التخفيف والحكم بعدم سماع الدعوى، وتمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبقا لفصول الاحالة ونصوصها القانونية فرأت المحكمة القضاء بثبوت إدانة المتهمين وسجن الأول بمجموع أحكام بلغت 40 سنة فيما بلغت مجموع أحكام المتهم الثاني 6 سنوات سجنا.