قام مجموعة من الفنانين التونسيين، ببادرة من الممثلة ليلى الشابي والمنتجة السينمائية سلمى بكار، بزيارة اللاجئين، في منطقة رأس الجدير، على الحدود التونسية الليبية، وتولوا القيام بعروض تنشيطية، لفائدة اللاجئين، كانت تلقائية على حدّ تعبيرهم، ولاقت ردود فعل إيجابية من المعنيين بالأمر. إلا أن هذه البادرة، على أهميتها ثقافيا ونفسيا عرفت صعوبات كبيرة وصلت إلى حدّ الضرب والتهديدات الخطيرة. نعم تهديدات وسلوكات غريبة من مجموعة من السلفيين المتواجدين بمنطقي رأس الجدير يحرّمون الفن والثقافة بأفكارهم الرجعية فأول التهديدات التي طالت الفنانين، كانت بخصوص انتصابهم بجانب جامع، حيث حاول مجموعة من الأشخاص منهم بدعوى أن الفن حرام ولا يجب انتصاب الفنانين بقرب جامع، ولولا الجيش التونسي لما تمكن فنانونا من الانتصاب في هذا المكان. ليلى الشابي وأمير المؤمنين المجموعة السلفية، الرجعية المتحدث عنها، عيّنت شخصا يترأسهم، هو «أمير المؤمنين»، قد يبدو الأمر غريبا، في هذا العصر تحديدا، وإثر ثورة كرامة وحرية قام بها شعبنا، وقد يحسب البعض أنها طرفة أو نادرة من النوادر، لكن ما حصل مع الممثلة ليلى الشابي، واقعي، للأسف الشديد. تقول ليلى الشابي في تصريح خصت به «الشروق»: «رغم الصعوبات اكتشفنا في رأس الجدير عديد الأشياء.. اكتشفنا أن مآوى يسهر عليها الهلال الأحمر، تسرق ولا أحد يتكلّم.. اكتشفنا، أننا لسنا في حلم أو بصدد مشاهدة فيلم الرسالة!!». وواصلت ليلى الشابي روايتها لما حدث قائلة: «التقيت طبيبا وحقوقيا صحبة شاب من القصبة أعلماني أن هناك «أمير المؤمنين» له خيمة وحارسان وأشخاص آخرون يعملون معه، ولأنني أحبّ الاكتشاف، ليست قشبية شخص كان معنا اصطحبني لرؤية «أمير المؤمنين» وقبل أن أدخل الخيمة جاءني أحدهم (يعمل مع أمير المؤمنين) ليمنعني من الدخول قائلا: «أمير المؤمنين يرفض مقابلة النساء».. قلت له: «كما ترى ألبس قشبية ومستورة».. فأجابني: «لا.. أمير المؤمنين لا يقابل النساء»، فقلت له: «وهل أميركم هذا متزوّج برجل!!». وتواصل ليلى الشابي روايتها مشيرة إلى أن أحد المتواجدين بالمكان حدثها عن حوار دار بين من يطلقون عليه أمير المؤمنين وأحد العاملين معه حول الحشايا (الجراري) بالعامية وجاء في هذا الحوار ما يلي: (الشخص): السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته. (أمير المؤمنين): وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته ما خطبك؟ (الشخص): 25 جراية. وتضيف ليلى الشابي في هذا السياق:«كنت أستمع إلى هذا الحوار وكان خلفنا نفس الشخص الذي رفض إدخالي لمن يدّعي أنه أمير المؤمنين يستمع إلينا، فتوجه لنا بالحديث قائلا: «يجب أن نعود إلى الخلافة وأن نعيد مجد المسلمين والفتوحات»، فأجبته: «الخلافة انتهت مع عمر بن الخطاب هل تريدوننا أن نصبح كأفغانستان!!». قال: «ولمَ لا؟!» فقلت: «الدين لله والوطن للجميع».. ومن شدة هول ما رأت، لم تكفّ الممثلة ليلى الشابي عن العودة بحديثها إلى عدة تفاصيل أخرى ثانوية ثم تبحر في تساؤلاتها: «كأنني كنت في عالم آخر»، تضيف محدثتنا: «سيعيدوننا إلى عالم غابر.. يستحيل بث هذه السموم الرجعية.. بلادنا بلاد سياحية ولها ثلاثة آلاف سنة من الحضارة.. أين هي قنواتنا؟!». بهذه الكلمات أنهت ليلى الشابي روايتها لهول ما رأته في رأس جدير. هكذا كانت رواية ليلى الشابي، رواية تطرح تساؤلات عديدة لعلّ أبرزها من يوقف هذا التيار السلفي الرجعي؟! والحال أن هذا التيار في صورة ما إذا تمكّن من بث سمومه والانتشار في البلاد، فإنه سيخلّف أضرارا لا تحصى ولا تعدّ بالعباد. لقد أطاح الشعب التونسي بنظام دكتاتوري وبدكتاتور.. هذا صحيح، لكن مثل هؤلاء السلفيين يؤسسون لدكتاتوريات أخطر بكثير، ومسؤولية الحكومة أكثر من ضرورية في هذا الإطار، وفي هذا الوقت الحسّاس.