تشرع مختلف المؤسسات الجامعية في استقبال طلبتها تباعا في كل الاختصاصات والمستويات، «الشروق» اتصلت بالسيد محمد رشاد بوسمة المدير العام للتجديد الجامعي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا وبحثت معه خصائص ومميزات السنة الجامعية الجديدة وبعض القضايا المتصلة بالمتحصلين على شهادات التعليم العالي وأفق خطط الوزارة لملاءمة برامج التعليم العالي لحاجيات سوق الشغل. أجرى الحوار : خالد الحداد أشار السيد محمد رشاد بوسمّة الى ان التجديد الجامعي متواصل منذ سنوات دون انقطاع فبعد الاصلاح الذي لحق نظام التدريس الهندسي ونظام الأستاذيات أتى الدور على اصلاح الميدان البيداغوجي والذي يميّز عمل هذه المرحلة هو الانتقال الى نمط ثالث من الاصلاح يتجاوز مقولة ايجاد مقعد في الجامعة لكل طالب جديد الى الاهتمام به عند التخرج. * كيف يتم ذلك على المستوى العملي؟ تهدف المنظومة الاصلاحية الجديدة الى اعداد كل طالب لا فقط عبر تلقينه مجموعة من المعارف والمهارات والعلوم لايجاد شغل بل من ان يصبح قادرا على أن يكون صاحب مشروع. وتعمل الوزارة في هذا الاطار على ايجاد المنهجية الملائمة لكل مرحلة عبر اعطاء الاهمية القصوى للتشغيل وقد وضعت للغرض عدة اجراءات وآليات لمواكبة التطور التكنولوجي الكبير والمتسارع، اذ لم يعد أمامنا من خيار سوى الانخراط في مقتضيات العصر المتميزة بطلب ملح للاتصاف بصفات مجتمع المعرفة اي الاقتصاد المبني على المعرفة وتشير تقديراتنا الى ان أكثر من ثلثي مواطن الشغل في البلاد ستكون من نصيب حاملي الشهادات العليا من هنا الى حدود سنة ولذلك لابد من تمكين جميع الطلبة من الكفاءات والمهارات التكنولوجية خاصة في ظل التحديات المتوفرة. *هذه السنة تخرّج 40 ألف طالب وسنة 2014 تتوقعون أن يكون عدد المتخرجين في سقف 100 ألف، ألا توجد مخاوف من تفاقم ظاهرة بطالة أصحاب الشهادات؟! أبدا ليست لدينا حاليا أية صعوبات لأن الأرقام المسجلة قد تم توقعها في اطار المخطط العاشر بل هناك أرقام حققت نسبا هامة من ذلك أن نسبة الطلبة في الشعب القصيرة تبلغ حاليا 27.6 في حين ان المخطط يروم الوصول الى نسبة 30 بحلول سنة 2006 . وما أود توضيحه ان البطالة بالنسبة لأصحاب الشهادات هي نسبية ومحدودة وليس كما هو جار الحديث عنها في بعض الأوساط هناك بطالة نسبية في بعض الاختصاصات المعينة (العلوم الاقتصادية والحقوق) ولكن من الناحية الواقعية لابد من احصائيات دقيقة حتى نضبط النسبة الحقيقية للبطالة لأنه في الدول المتقدمة (وخاصة الاوروبية) يُعتبر عاطل عن العمل من أصحاب الشهادات من قضى سنتين او ثلاثة من البطالة بعد تخرّجه، والاحصائيات المتوفرة لدينا حاليا هي احصائيات مأخوذة عن المرسمين بمكاتب التشغيل وكثير من هؤلاء إما يواصلون دراستهم الجامعية العليا او في التكوين التكميلي او تحصل على شغل ولم يعلم مكتب التشغيل او سافر الى الخارج وعدم اعتبار ذلك كثيرا ما يغالط. ودون اعتبار ذلك تمكن التجديد الجامعي من الحد من خطورة الظاهرة المشار اليها وذلك عبر عدد من الآليات والبرامج من أهمها تنويع الشعب وتطوير الشعب القصيرة وبعملية احصائية بين سنتي 2000 (سنة بدأ تدعيم الشعب القصيرة) والسنة الدراسية الحالية (2004) تم توجيه 32 ألف طالب الى شعب قصيرة بعيدا عن الأستاذيات وبذلك تم انقاذهم على اعتبار الآفاق الجديدة الوافرة التي انفتحت أمامهم للحصول على شغل، بالاضافة الى التركيز على شعب في الاختصاصات الواعدة (الاعلامية والاتصال، الفنون والحرف، اللسانيات واللغات التطبيقية والخدمات (بنوك، تأمين، سياحة) وهي شعب ذات تشغيلية عالية. كما ركّزنا في مرحلة متقدمة على تكوين جيل جديد من حاملي الشهادات ذوي الاختصاصات المتعددة المربوطة بسوق الشغل بما ان العديد من المؤسسات المتوسطة والصغرى تفضل انتداب كفاءة من الكفاءات التي تكون ملمّة بعدد من المحاور التي تحتاجها تلك المؤسسة لذلك أحدثنا شعبا جديدة (اداري في التسيير، مساعد متصرف في المؤسسات الصغري والمتوسطة) وانطلاقا من السنة المقبلة سنحدث شعبا في الجانب التقني حتى نضمن تشغيلية أكبر للمتخرجين والقدرة على تسيير المؤسسة. وتفاعلا مع سوق الشغل يوجد بالجامعة 34 ألف طالب في اختصاص الاعلامية وانطلاقا من سبتمبر الحالي ستنضاف 68 شعبة دراسية جديدة منها 58 لم تكن موجودة وتحدث لأول مرة وهي تهم اختصاصات مطلوبة (السمعي البصري / مهن التراث / الميدان السياحي / التعمير والتهيئة / اللغات المطبقة / الجغرافيا الرقمية) وتوفر للطالب في دليل التوجيه هذه السنة 545 اختيارا الى درجة ان بعض الاولياء اشتكى من بعض الصعوبة لكثافة الاختيارات. * لكن ماذا عن فتح الآفاق؟ الاصلاح الجامعي الجديد ضمن للمتخرجين عدة مكتسبات، منها دعم وتنويع الماجستير المهني حتى نضمن للمؤسسة ايجاد الكفاءت المواكبة لجديد التطورات. ولنا حاليا 97 ماجستير مهني و233 ماجستير بحث. كما ان آلية تعديل المسارات واعادة التوجيه تمكن الطالب من الانتقال من شعبة الى أخرى حتى دون الرسوب كما ان الباب مفتوح لكل الطلبة لانجاز اختصاص آخر ومتابعة أستاذيات أخرى كما ان كل مؤسسة جامعية وحسب القانون الجديد أصبحت تخصص للطلبة الوافدين من مؤسسات جامعية أخرى طاقة استيعاب تساوي 20 من مجموعة الطلبة المسجلين في السنة الاولى من المرحلة الثانية من كل أستاذية. فالآفاق مفتوحة لمواصلة الدراسة والاستزادة من العلوم والمعارف والجامعة التونسية تؤسس حاليا لمقولة «التعلم مدى الحياة». *هناك بعض الانتقادات حول نوعية المتخرجين من الجامعة؟ نعم يشكو خريجو الجامعة من بعض النقص وقد أثبتت دراسة قامت بها الوزارة مؤخرا ان معضلة المتخرجين غير متصلة بالتكوين العلمي بتاتا حيث لم ينقطع التميز والتألق عن الجامعة في اي لحظة، بل هي على صلة باللغات وجانب الاتصال حيث يعجز المتخرج عن التخاطب بلغة سليمة وسهلة وذلك ما قد يُعطي صورة سلبية عنه، وستشرع الوزارة لاحقا بعد جرد مخاطر اللغات الموجودة الى تطوير دراسة اللغات الأساسية (العربية / الفرنسية / الانقليزية) وسائر اللغات الاجنبية للمساعدة على تجاوز هذا الخلل ومساعدة المتخرجين من التفاعل الايجابي مع محيطهم.