آفاق استثمارية واعدة مع الصين ...هل تنخرط تونس في طريق الحرير الرقمي؟    مذكّرات سياسي في «الشروق» (44) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... بورقيبة كان مع تنويع العلاقات والشراكات مع الدول    خلال لقائه بوزيرة العدل مؤخّرا.. رئيس الجمهورية دعا إلى رفع اللبس حول تنقيح الفصل 411    3 ملفات في لقاء رئيس الجمهورية بوزير الفلاحة . صابة القمح، مخزون المياه والسدود    بورتريه .. جو بايدين... الضّائع    البرلمان السلوفيني يُقِرّ مرسوم الاعتراف بدولة فلسطين    مع الشروق .. نتنياهو يتجرّع كأس الهزيمة والانكسار !    مبابي يستعد لمقاضاة باريس سان جيرمان    وزير الرياضة يزور المنتخب الوطني خلال الحصة التدريبية استعدادا لمباراته ضد غينيا الاستوائية    نجم المتلوي.. فك الارتباط مع المدرب قيس اليعقوبي    المنستير ..7463 مترشّحا للباكالوريا    وزارة التربية حسمت الجدل ..منع الكوفية لا يستهدف القضية الفلسطينية    اليوم بداية الامتحانات... 140 ألف مترشّح يجتازون الباكالوريا    استفسار حول تأثير التطعيم    إيقاف 3 مروّجين بحوزتهم كمية من الكوكايين..    غدا 140 ألفا و213 مترشحا للدورة الرئيسية لامتحان البكالوريا    أمطار الليلة بهذه المناطق..    التعاون الصحي بين تونس ومصر محور لقاءات ثنائية بين وزير الصحة ونظيره المصري    سيول .. رئيس الحكومة يلتقي رئيس موريتانيا    تأخير النظر في القضية المرفوعة ضدّ البحيري مع رفض الإفراج عنه    رئيس الجمهورية يهتم بمشروع تنقيح عدد من فصول المجلة التجارية المتعلقة بنظام التعامل بالشيك    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بالكريب    إصدار سلسلة من ثلاثة طوابع بريدية حول النظم الغذائية المبتكرة    حصة تونس السنوية من صيد التن الاحمر تقدّر ب3 آلاف طن    وزارة التعليم العالي تخصص منحا جامعية للدراسة بفرنسا وألمانيا والمعهد التحضيري للدراسات العلمية والتقنية بتونس لفائدة المتفوقين في بكالوريا 2024    سرقة منزل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي في القنطاوي    الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف: مشاركة 4 أفلام تونسية 2 منها في المسابقة الرسمية    تونس الثقافة والأدب والموسيقى تشع في الصين من خلال زيارة رئيس الجمهورية    في ندوة حول الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي: "ما يُنتجه الذكاء الاصطناعي يشرّع لانتهاك حقوق التأليف"    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    تقديرات صابة الحبوب للموسم 2023 / 2024 ستكون دون المتوسط مقارنة بالمعدلات العادية    رولان غاروس: انس جابر تودع البطولة بخسارتها امام الامريكية كوكو غوف 1-2    عاجل/ الإحتلال يوقّع صفقة مع أمريكا لشراء 25 طائرة "آف 35"    المدينة المنوّرة تسجل ثالث أعلى درجة حرارة على وجه الأرض الاثنين    تفاصيل الدورة 48 لمهرجان دقة الدولي: انماط متنوّعة في دورة التأكيد    عاجل/ إعلان سعر الأضاحي بشركة اللحوم وموعد انطلاق البيع    بعد انضمامه للريال : رونالدو يوجه رسالة لمبابي    هذا موعد رصد هلال شهر ذو الحجة    سبيطلة: حجر البرد يتسبب في أضرار لمختلف الزراعات في منطقة الشرايع    عاجل/ مصر: إنهيار مبنى من 5 طوابق على رؤوس ساكنيه    4 نصائح لمحبي اللحوم    عاجل/ هذا موعد رصد هلال ذو الحجة..    كرة اليد: طارق بن علي مديرا فنيّا مؤقّتا للجامعة    اتّجاه نحو مراقبة مشدّدة على المشاريع ذات الكلفة العالية    درّة زرّوق تطلق علامة أزياء مستوحاة من جدّتها    مُشاركة 4 أفلام تونسية في الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف    رئيس الحكومة يلقي كلمة تونس في افتتاح أشغال القمة الأولى الكورية الافريقية    عاجل : اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور    انطلاق أشغال الجلسة العامة للنظر في مقترح القانون عدد 30 لسنة 2023 بمجلس النواب    الرئيس المدير العام لشركة اللحوم يفجرها ويكشف ما فعله "القشارة" بأضاحي العيد..    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    ديوكوفيتش غير متأكد من استمراره في فرنسا المفتوحة بعد إصابته في ركبته    عاجل : راصد الزلازل الهولندي يحذر من زلزال قوي في هذه الفترة    "كاف" يعلن مواعيد انطلاق النسخة الجديدة لمسابقتي رابطة الأبطال والكونفدرالية    مدرسة الصفايا بالسعيدة والقضية الفلسطينية ... إبداعات تلمذية ومبادرات تنشيطية    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب شارون على المخيمات تتواصل منذ 30 عاما !!
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

حرب شارون التي أعلنها على مخيم جباليا ومحيطه لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فمنذ 30 عاما شنّ هجوما على مخيمات قطاع غزة الجنوبي، واستعمل جرافاته لهدم البيوت وتوسيع طرق الأزقة لتسهيل مرور آلياته بحجة القضاء على رصاص الفدائيين وتصفيتهم، تماما مثلما يكرر اليوم حربه المجرمة على مخيم جباليا ومحيط غزة بحجة القضاء على رجال المقاومة وصواريخ القسام، وفي عام 1982 هدم مخيمي صبرا وشاتيلا وافتعل مجزرة مازال التاريخ يذكرها بكل مرارة بحجة وجود بقايا مقالتي م.ت.ف.
وفي عام 2002 جرف مخيم جنين بجرافاته تحت بصر وسمع العالم ومازال يداهمه ويداهم مخيمات الضفة بحجة القضاء على رموز الانتفاضة واعتقال المناضلين، ومنذ أشهر وهو يجتاح مخيمات البريج والمغازي وخان يونس بحجة وجود بؤر ثورية مقاتلة، ومنذ سنوات وبلدوزراته ومجنزراته تجتاح وتقتل وتهدم مخيمات رفح بحجة وجود أنفاق لتهريب السلاح والمقاتلين. وها هو اليوم يطلق يد قواته لتصعيد عدوانها وتوسيع نطاقه على مخيمات قطاع غزة وبيت لاهيا، وبيت حانون، في محاولة لتركيع الشعب الفلسطيني الذي ما تعوّد يوما أن ينحني ويسجد إلا للّه عز وجلّ. وقد صمد مخيم جباليا وتحول إلى سدّ منيع في وجه الاحتلال ولم يتمكن العدو من اختراقه رغم كثافة نيرانه وقصف طيرانه ومدافع دباباته وتقدمه من عدة محاور وتدمير البيوت على اطرافه وحرقها. وقد تسابق المقاتلون لدفع ضريبة الصمود وصدّ العدوان بأسلحة بدائية وزرع العبوات الناسفة من صنع محلي في طريق المجنزرات وعلى مداخل أبواب المخيم الذي يعتبر خزانا بشريا لأكثر من مئة وثلاثين ألف مواطن، ومعينا لا ينضب لمدّ النضال الفلسطيني بالمقاتلين، ومنه انطلقت الانتفاضة الأولى.
وبناء لقرار شارون الاجرامي تحوّلت المنطقة إلى ساحة حرب ما بين جيش نظامي محتلّ ومقاومة فلسطينية باسلة لا تملك المجنزرات والطائرات والأسلحة المدمرة التي يملكها العدو، إنما تملك أسلحة تقليدية قليلة وبراعة صمود في القتال وإرادة قوية، تلك المقاومة التي اشتبكت مع العدو لساعات طويلة موقعة خسائر في جنوده، وآلياته ومعيقة تقدمه، ومحدثة انكسارا في معنويات الجنود المحصنين داخل مجنزراتهم الذين يواجهون أبطالا لا يخشون الموت، الأمر الذي دفع موفاز وزير حرب الكيان الصهيوني لأن يقوم بزيارة لهؤلاء الجنود والضباط لرفع معنوياتهم مثلما زار مدينة سديروت اليهودية وطمأن العائلات التي كان عدد منها يحزم حقائبه للرحيل خوفا من صواريخ القسام.
إن الأقلام والأطراف التي تنادي بوقف العنف الفلسطيني وصواريخ القسام كي لا تكون هنالك ذريعة ومبرر لهذه الاجتياحات والتنكيل بالشعب الفلسطيني تعرف تماما أن الاحتلال لا ينقصه خلق الذرائع والمبررات، وهل كل ما فعله ويفعله العدو اليوم مبررا في القانون الدولي والشرائع السماوية وفي اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحقوق الإنسان..؟ فكم من مرة ولفترات طويلة لم تقم المقاومة بأية عملية أو إطلاق صواريخ القسام والهاونات ومع ذلك استمر الاحتلال في عدوانه ومطارداته الساخنة لاغتيال واعتقال المناضلين وجرف ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وفرض الحصار مبيحا لنفسه ما هو محرم دوليا وانسانيا بقتل الأطفال والنساء والشيوخ وهدم المنازل والمؤسسات على رؤوس أصحابها،
إذا فالمسألة ليست صواريخ القسام ولا العنف الفلسطيني كما يدّعون إنما المسألة تكمن في مخطط صهيوني رسمه شارون وحكومته لقتل أكبر عدد ممكن من الشعب الفلسطيني وللتضييق عليه لاخراجه مما تبقى من وطنه وكسر شوكته وفرض حلول تنسجم مع مخططات ومع أهداف الاحتلال. إن هذه الحرب التي أعلنها شارون على المخيمات الفلسطينية والتي جاءت كما هي العادة بتغطية أمريكية، وفي ظل صمت دولي وعجز عربي تهدف إلى إراقة مزيد من دماء الفلسطينيين، وتحويل القطاع إلى أرض محروقة، وإيجاد مخرج لفشل حكومة شارون في حلّ الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالكيان الصهيوني نتيجة فعل الانتفاضة، ومحاولة لمنع الشعب الفلسطيني من تحقيق النصر بانسحاب القوات المحتلة «إن صحّ هذا الانسحاب» تحت ضربات ابطال المقاومة. فالدعوة إلى التعقل والحوار والعودة إلى طاولة المفاوضات لن تنفع وتحقق ما هو مرجو منها في ظل ما يقوم به شارون من قتل وتدمير وشنّ حرب على المخيمات والتهديد باجتياح المناطق الفلسطينية تحت سمع وبصر مجلس الأمن والمنظمة الدولية التي شغلت نفسها بمساعدة أمريكا في حصار سوريا وتشويه صورة العرب والمسلمين فيما جرائم العدو على أشدها في فلسطين والعراق.
لقد وقف العالم مبهورا بهذا الصمود الأسطوري، وحزينا في الوقت نفسه وهو يرى عبر الفضائيات انتشال الأطفال والنساء والشيوخ ولملمة بقايا أجساد الشهداء الطاهرة من تحت ركام المنازل المهدمة بفعل القصف الصهيوني الذي تلازم مع القصف الأمريكي الغادر على المواطنين الأبرياء في سامراء والفلوجة ومدينة الصدر في بغداد. فالتقى بذلك ارهاب شارون في فلسطين مع جرائم بوش في أرض الرافدين، وتعانقت أرواح الشهداء الذين سالت دماؤهم قانية على ضفاف دجلة والفرات في البوابة الشرقية مع أرواح الشهداء على شواطئ غزة في البوابة الغربية دفاعا عن مقدسات وكرامة الأمة العربية. وقد بلغ الغضب بالشعب العربي مداه لما يجري في فلسطين والعراق من مجازر وتدمير فانطلقت في بعض البلدان والمواقع مظاهرات تعبر عن استيائها واستنكارها لهذه المجازر ولما يلف الأنظمة الرسمية العربية من صمت مخيف، فيما لم تحرك هذه الفظائع ونداءات وصيحات النسوة الثكالى النخوة العربية ولا ضمير المنظمات الانسانية والدولية والمجتمعين في أروقة الأمم المتحدة وعلى رأسهم الأمين العام كوفي عنان الذي انهمك ليس بوقف هذه المجازر إنما باعداد وتقديم تقريره عن الوضع في سوريا ولبنان واتهامها بعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 وتشكيل لجنة مراقبة لتنفيذ القرار خاصة فيما يتعلق بانسحاب القوات السورية من لبنان، وكأن الكيان الصهيوني قد انسحب من مزارع شبعا ومن الأراضي العربية المحتلة ونفذ ال 40 قرارا الصادرة عن مجلس الأمن الدولي وال 600 قرار الصادرة عن الجعية العامة للأمم المتحدة المتعلقة بالمسألة الفلسطينية وعدوان الكيان الصهيوني وتجاوزاته في المنطقة ولم يبق دون تنفيذ سوى القرار 1559 ...!
إن الكيان الصهيوني لن ينعم بالأمن والسلام والهدوء طالما بقيت قواته محتلة للأراضي الفلسطينية والعربية، وان المخيمات الفلسطينية ستبقى شوكة في حلق هذا الكيان إذا لم تحل قضية اللاجئين طبقا لقرار الأمم المتحدة رقم 194 بعودتهم إلى بيوتهم وأراضيهم، وان قوات الاحتلال التي تخوض عملية «أيام الندم» سوف تندم على الساعة التي دخلت فيها إلى مستنقع مخيمات غزة الذي لن يرحمهم مهما تعاظمت قوتهم، ومهما تصاعد اسنادهم من امبراطورية الشر في هذا العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.