قال الملك شهريار لشهرزاد: بقي الصعلوك الثالث لم نعرف حكايته بعد، فقالت شهرزاد السمع والطاعة يا مولاي الملك، سنتعرف على حكايته الليلة. تركنا يا مولاي البنات الثلاثة وقد استمعن الى الحمّال والصعلوكين الأول والثاني وجاء دور الصعلوك الثالث الذي بدأ يروي قصته فقال: كنت ملكا ابن ملك حكمت وعدلت وأحسنت للرعية، كنت محبا للسفر وركوب البحر، كانت مدينتي على البحر وكانت لي خمسون مركبا للتجارة وخمسون للتنزّه والترفيه ومائة وخمسون قطعة معدة للحرب والجهاد. خرجت ذات مرة في رحلة بحرية مرفوقا بحاشيتي، وكان الطقس جميلا ولما أقبل المساء هبّت علينا عاصفة هوجاء ابتهلنا الى العلي القدير أن ينجينا من هذه الكارثة البحرية وما إن أطلّ الفجر حتى هدأت الريح وصفا البحر، وبعد فترة أشرقت الشمس، ففرحنا كثيرا لأننا كنا مقرين العزم على البقاء شهرا كاملا بالبحر خاصة وقد حملنا معنا كل ما نحتاجه من ماء وغذاء. وبعد أن أشرقت الشمس قلت للربان: اكتشف البحر فصعد السارية ثم نظر وقال: هلكنا يا حضرة الملك، قلت كيف قال لقد اقتربنا من جبل الحجر الأسود الذي يسمى حجر المغناطيس. وستجرنا المياه غصبا عنا الى وجهته فتمزق المراكب ويذهب كل مسمار منها في اتجاه الجبل فيلتصق به ويهلك كل الركاب، وقد انكسرت عديد المراكب على مرّ السنين. فقلت للربان: وهل من أمل في النجاة؟ فقال لي الجبل قبّة من النحاس الأصفر مرفوعة على عشرة أعمدة. وفوق القبّة فارس على فرس من نحاس وفي يد ذلك الفارس لوح من الرصاص منقوش عليه أسماء وطلاسم، ومادام ذلك الفارس راكبا على الفرس فلا أحد يتمكن من النجاة. ومع تقدم الوقت كنا نقترب من الجبل وكنا نرى الفارس فوق فرسه وكنا ندعو اللّه أن يسقطه حتى ننجو من الموت وفجأة تزايدت سرعة المراكب ثم انكسرت وطار كل جزء نحو الجبل. وغرف منا من غرق ونجا منّا من نجا وكنت من حسن حظي من الناجين حيث أمسكت بإحدى الألواح المتطايرة وساعدني على النجاة هدوء الأمواج. والتصقت بالجبل فرأيت طريقا الى أعلاه على شكل سلالم. فتسلقتها ووصلت الى قمة الجبل. قال شهريار، وماذا فعل هذا الملك حين وصل الى قمة الجبل، فقالت له شهرزاد: هذه حكاية طويلة وسأرويها لك في الليلة الخامسة عشرة يا مولاي الملك وهنا أدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.