ثلاثة أفلام فقط، ستمثل كل العرب في مسابقات مهرجان كان السينمائي الدولي، ما هو نصيب تونس من هذه الأفلام، وهل أن هذا العدد هو كل ما أبدعته السينما العربية حديثا، أم أن ذاك هو مستواها حتى بعد تحرّر مبدعيها بفضل الثورات العربية؟ أسئلة نطرحها في هذا الملف. رغم كثافة الأفلام العربية التي وقع ترشيحها هذه السنة لمسابقات الدورة 65 لمهرجان كان السينمائي الدولي، والتي ستنطلق فعالياتها غدا الاربعاء 16 ماي 2012، اكتفت ادارة المهرجان باختيار ثلاثة أفلام لا غير، وهي «بعد الموقعة» للمخرج المصري يسري نصر ا&، و«خيول الجنة» للمخرج الغربي نبيل عيوش، و«سبعة أيام في هافانا» للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان.
وتوزعت هذه الافلام بين المسابقة الرسمية بالنسبة للفيلم المصري وتظاهرة «نظرة ما» بالنسبة للفيلم المغربي والفيلم الفلسطيني الذي هو في الحقيقة انتاج جماعي يشارك فيه سبعة مخرجين من بينهم ايليا سليمان.
وتعد تونسوالجزائر ولبنان من أبرز المتغيبين في هذه الدورة لعلاقاتهم الوطيدة بالمهرجان، وذلك في دوراته السابقة، إذ كان لتونس، شأنها شأن الجزائر ولبنان حضورا كبيرا في المهرجان، وخصوصا في الثمانينات والتسعينات مع نوري بوزيد في «ريح السد» و«صفائح من ذهب» و«بزناس»، ومع فريد بوغدير في «عصفور السطح» او «حلفاوين» ومع مفيدة التلاتلي في «صمت القصور» (1994). كما كان للجزائر نفس الحضور من الستينات الى غاية العام قبل الماضي مع رشيد بوشارب في «خارجون عن القانون».
وكان المخرج الجزائري محمد لحضر حامينه اول مخرج عربي يحصل على السعفة الذهبية لمهرجان كان عن فيلمه «وقائع سنوات الجمر» وذلك في عام 1975. كما حصل في عام 1967 على الكاميرا الذهبية عن أول فيلم له بعنوان «ريح الأوراس» وكانت آخر مشاركة للبنان في المهرجان، خلال العام الماضي مع نادين لبكي في «ملا لوني».
ولم تنجح تونس هذه السنة، شأنها شأن الجزائر، في الحصول على موقع في مسابقات المهرجان رغم ترشحها بثلاثة أفلام هي «نسمة» للمخرج حميدة الباهي و«ديڤاج» لنوري بوزيد، وهو ما من شأنه أن يطرح عديد التساؤلات خصوصا بعد الحضور الكبير الذي كانت تتمتع به في المهرجان خلال الثمانينات والتسعينات. فهل أن السينما التونسية لم تعد تلفت اهتمام القائمين على المهرجان أم أن تراجع مستواها الفني أفقدها اشعاع أيام زمان. والحقيقة أن السينما التونسية تراجعت بشكل كبير من حيث المستوى الفني، وحتى فيلم «لا خوف بعد اليوم» للمخرج مراد بالشيخ، لم يكن قبوله في المهرجان خلال الدورة السابقة، لاعتبارات فنية بقدر ما كان تكريما للثورة التونسية. ومنذ انفتاح مهرجان كان على سينما أوروبا بالشرقية بعد استقلال الجمهوريات السوفياتية، فقدت عديد الدول العربي، ومنها تونسوالجزائر وحتى المغرب جاذبيتها لدى القائمين على المهرجان والذين يحكمهم بشكل و بآخر اعتبارات سياسية، وخصوصا في علاقات فرنسا الخارجية، ولكن هذا لا ينفي تراجع مستوى السينما التونسية والعربية عموما في السنوات الأخيرة، وحتي بعد الثورات التي يبدو أنها لم تصل الى المبدعين سواء في مجال السينما، أو في غيره من المجالات الفنية الأخرى.
وإذا ما تأملنا السينما التونسية مثلا، نجدها تراجعت بشكل كبير عن جارتيها المغربية والجزائرية. ورغم أن السينما الجزائرية التي لم تنجح هذا العام في المشاركة في مهرجان كان علما وأنها ترشحت بثلاثة أفلام («وقت المصالحة» لمرزاق علواشي، و«أحمد زيانة» لسعيد ولد خليفة، و«الأندلسي» لمحمد شويخ)، فهي تبدو، شأنها شأن السينما المغربية، متقدمة عن السينما التونسية من حيث المستوى الفني والجمالي، وخصوصا في ارتفاع عدد الافلام المنتجة.
الربيع العربي
والواضح ان «الربيع العربي» وان أينع في مصر بشكل نسبي مع يسري نصرا& الذي نجح في بلوغ المسابقة الرسمية لمهرجان كان، فإنه لم يزهر في بقية السينماءات العربية الاخرى ومنها السينما التونسية بدرجة أولى. حتى ان البلدان العربية التي لم تعرف هذا الربيع، ومنها المغرب والجزائر تعد أحسن حال وأفضل مستوى في مجال السينما. أما السينما العربية فقدت ألفت أو تعودت على موقف مهرجان كان، مكتفية كما يقول المثل بالحب من طرف واحد.