في الوقت الذي انتهت فيه السنة الدراسية أوأوشكت بالنسبة لتلاميذ التعليم الثانوي ، يواصل تلاميذ المدارس الابتدائية جلوسهم على مقاعد الدراسة إلى حدود 16 جوان متحملين الحرارة المرتفعة بأجسادهم الغضة الرقيقة .. فهل قدرهم أن يتم تجاهلهم؟ دعوات كثيرة تعالت في الفترة الأخيرة لمراجعة هذا التأخير النسبي في نهاية المواسم الدراسية ،الدعوات لها مبررها ، ففي الوقت الذي تعترف فيه الدولة بضرورة نهاية السنة المدرسية مع تلاميذ المعاهد وطلبة الجامعات نظرا لارتفاع درجات لحرارة وعدم القدرة على التركيز، لا تعترف الدولة بهذه الأسباب مع الأطفال الصغار أي تلاميذ الابتدائي...
يقول السيد صالح بن روينة «معلم تطبيق»انه مع ارتفاع درجة الحرارة خاصة منذ النصف الثاني من شهر ماي تضعف درجة التركيز لدى التلاميذ خصوصا مع تلاميذ الدرجة الأولى (السنة الأولى والثانية) كذالك فان هؤلاء التلاميذ غالبا ما يتكون لديهم عزوف وعدم الرغبة في متابعة الدروس بسبب التأثير السلبي لأقاربهم وأشقائهم من تلاميذ المرحلة الثانوية الذين يقبعون في المنزل مما يكون له تأثير سلبي في فترة المراجعة (تلاميذ يراجعون يقابلهم تلاميذ يلعبون) مما يدفع بالمعلم إلى البحث عن مصادر أخرى للتعليم عبر النسخ مما يكلف مصاريف تثقل كاهل المربي وخاصة المديرين منهم بسبب غياب ميزانية مناسبة للمدارس الابتدائية».
السيد محمد البحري مدير مدرسة ابتدائية أشار إلى معطى هام وهوضرورة مراعاة الخصائص المناخية لكل منطقة من البلاد التونسية فمدينة صفاقس مثلا ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل واضح مما يقف حاجزا أمام الدراسة والتدريس معا مشيرا إلى المفارقة في جدول الامتحانات الوطنية فهل يعقل أن يجتاز تلميذ البكالوريا الامتحان يوم 6 جوان بينما ينتظر تلاميذ سنوات السادسة تاريخ 23 جوان موعد مناظرة الالتحاق بالمدارس الإعدادية النموذجية؟ لذلك فان مراجعة المنظومة التربوية عموما والزمن المدرسي خاصة أصبح أمرا أكيدا ويتطلب إشراك المربين في عملية الإصلاح .
نفس الملاحظات السابقة أوردها السيد رابح المجبري «معلم تطبيق» الذي أكد اضطراب الدروس منذ منتصف شهر ماي بسبب العوامل التي تم التطرق إليها سابقا مما يساهم في بروز بوادر إرهاق لدى المتعلمين مع بداية شهر ماي وهوما يؤثر في درجة التركيز لدى الطفل الصغير خاصة في غياب الأنشطة الثقافية والترفيهية وأكد على ضرورة إدماج مختصين اجتماعيين من المعطلين من حملة الشهائد في الاختصاص لمساعدة الإطار التربوي في مهمتهم .
السيد الطيب البحري وهوولي لإحدى تلميذات الابتدائي يقول « إن الحرارة خلال هذه الفترة إضافة إلى بعد المسافة التي تفصل منزله عن المدرسة (حوالي 2 كلم) تؤثر بشكل كبير وتقلص من رغبتها في الدراسة خاصة وأنها تشاهد شقيقها الأكبر الذي يدرس في المدرسة الإعدادية يستمتع بالعطلة في حين لا تزال هي تكابد الحرارة والمسافة .
السيد البشير بن نصير وهوولي لتلميذين في الابتدائي يقول انه يشفق لحالهما وهويشاهد معاناتهم مع ارتفاع درجات الحرارة إذ يضطر كلاهما لقطع مسافة تقارب 3 كلم يوميا ذهابا وإيابا محملين بحقائب ثقيلة تضاف إليها قوارير الماء التي يحملونها لمغالبة العطش . وهويتساءل عن الجدوى من تأخير امتحانات المرحلة الابتدائية ويقترح تشريك الأولياء في عملية إصلاح التعليم باعتبارهم طرفا متدخلا رئيسيا في العملية التربوية.
لكن لابد من الإشارة إلى أن مراجعة فترة الامتحان بالنسبة للمدارس الابتدائية لا يعني أبدا دعوة للكسل ولن يؤثر في مردودية المنظومة التعليمية خاصة إذا ما كانت المراهنة على الكيف والجودة بل إن هذه المراجعة قد تخفف من معاناة أبنائنا وحيرة الأولياء وإرهاق المدرس.