قرّرت أمس الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس تأخير النظر في ما عرف بقضية شهداء تونس الكبرى ومدن الشمال والوسط تأخيرا نهائيا الى جلسة يوم 26 جوان الجاري للمرافعة. انتصبت هيئة المحكمة في حدود الساعة التاسعة و45 دقيقة بعد أن أحضر المتهمون الموقوفون وحضر المحالون بحالة سراح، لكن سرعان ما رفعت لبعض الوقت إذ بمجرّد المناداة على القضية تدخّل الأستاذان عمر الصفراوي وأنور الباجي وطالبا بضرورة حضور عائلات الشهداء الجلسة.
جدل حول ركن العلانية
شهدت الجلسة مناوشة ومشاحنة بين بعض المحامين ورئيس الدائرة حول غياب مبدإ العلانية إذ لاحظ الأستاذ أنور الباجي أن هذا الركن أساسي في المحاكمة العادلة وبالتالي فمن الأجدر حضور القائمين بالحق الشخصي وسانده الأستاذ الهادي العبيدي حيث اعتبر أن المحاكمة مختلّة إجرائيا وتمسّك بحضور الأطراف المعنية وإما الانسحاب وهو ما اعتبرته المحكمة مساومة. كما أشار رئيس الدائرة الى ما شهدته جلسة الشهداء والجرحى بالمحكمة الابتدائية العسكرية بالكاف من تشويش وقال إنه وقع الاتفاق على عدم التمييز بين الأطراف كما خصّصت خيمة مجهّزة بالاعلامية لتأمين النقل المباشر لوقائع الجلسة. ورفعت إثرها الجلسة لتعود الى الانتصاب من جديد، وفي الأثناء تعالت أصوات العائلات خارج قاعة الجلسة الأمر الذي أثار استياء المحكمة.
عدد إضافي من التقارير
باستئناف الجلسة والمناداة عن قائمة الشهداء قدّم بعض المحامين جملة من التقارير المتضمّنة للطلبات المدنية في حق الورثة ومنها 14 تقريرا لعائلات شهداء رأس الجبل ببنزرت.
تمسّك دفاع المتهمين بطلب التأخير في القضية لإضافة نصّ الحكم المتعلق بقضية الشهداء والجرحى التي نظرت فيها المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف للاطلاع على حيثياته.
وأوضح الأستاذ عز الدين العرفاوي أنهم كلسان دفاع شاعرون بكون هذه القضية هامة ومصيرية وشاعرون بثقل الاجراءات فيها وقال إن طلباتهم ليست اعتباطية لإطالة نشر القضية.
واعتبر أن الدفاع حرّ في اتخاذ المواقف التي تقضى في مصلحة الشخص الذي ينوبه واتخاذ المواقف الخاصة بالاجراءات. وأوضح أن قضية الحال مرتبطة بوقائع نظرت فيها المحكمة العسكرية بالكاف، وقال إن الوقائع في حدّ ذاتها غير قابلة للفصل بين هذه المحكمة ومحكمة الكاف. وعلّل تمسّكه بضرورة اضافة نص الحكم في هذا الملف للوقوف على عدة حقائق ملاحظا أنه لا يمكن أن يحاكم أي شخص مرتين من أجل نفس الفعلة ولو مع تغيير الوصف.
وتساءل «هل ان هذه الوقائع التي نظرت فيها محكمة الكاف مشمولة بوقائع الحال؟
وقال إنه وللأسف قامت المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف بنسخ حرفي لقرار دائرة الاتهام بالمحكمة العسكرية بتونس وهو ما اعتبره أمرا خطيرا. وطلب من المحكمة الالتفات الى هذا الدفع وضرورة اضافة الحكم المذكور سلفا وتلاوة حيثياته حتى تكون المحاكمة عادلة وقال إن طلبهم معلّل وجدي وتمسّك بالتأخير أيضا للاطلاع على ما قدّم أمس من تقارير واختبارات.
وسانده في طلب التأخير عدد آخر من المحامين القائمين بالحق الشخصي، إذ رأت الأستاذة لمياء الفرحاني أن المصلحة تقتضي الاطلاع على حيثيات حكم محكمة الكاف مع الاشارة الى أن نص الحكم يحتوي على ألف صفحة.
وطلب الاستاذ شرف الدين القليل بدوره التمديد في أجال المرافعة خاصة وقد تعذر عليهم الاتصال بعديد عائلات الشهداء وطلب التأخير أيضا لأن هناك اجراءات في التخلي.
اتهامات للمحكمة
لم تمر طلبات المحامين دون استفزاز للمحكمة وتوجيه أصابع الاتهام اليها بتغيير مسار القضية، اذ صرح الاستاذ شكري بلعيد أنهم يرفضون اعادة نفس السيناريو الذي جد بمحكمة الكاف وقال هناك حرص كبير في الالتفاف على القضية لطمس الحقيقة، وفي نفس السياق اعتبر الاستاذ أنور الباجي ان هذه القضية ورغم أنها مصيرية فإنها ماضية في اتجاه مصلحة المتهمين. وقال ان القضاء العسكري مازال على حاله لم يتغير.
تعهد ممثل النيابة العسكرية باضافة ملف القضية الذي نظرت فيه المحكمة العسكرية بالكاف، وأوضح ان الوقائع التي تتعلق بقضية الحال تعود بالنظر الى محكمة تونس العسكرية. وطلب الشروع في المرافعات معتبرا أن القضيتين منفصلتان.
ماذا قالت المحكمة؟
أبدت المحكمة بعض الملاحظات بخصوص قانون قوات الأمن الداخلي وقالت ان منظومة القضاء العسكري لم تكن تستجيب للمحاكمة العادلة وعبرت عن رفضها الجلوس في المنظومة القديمة نافية ان يكون للمحكمة أي دخل في تأخير سنّ المرسوم المتعلق بالقضاء العسكري.
وبخصوص ما وصفه أحد المحامين بكون قضية شهداء تالة والقصرين مسرحية رفض ذلك وقال ان المحكمة مثلما تبحث عن قرائن الادانة عليها ان تبحث أيضا عن قرائن البراءة.
ويذكر أن المتهم الرئيسي في قضية الحال زين العابدين بن علي بحالة فرار فيما أحيل كل من رفيق الحاج قاسم وجلال بودريقة ولطفي الزواري وعادل التويري وعلي السرياطي ومحمد الأمين العابد ومحمد الزيتوني شرف الدين والناصر بن عامر بحالة ايقاف من أجل تهمة المشاركة في القتل العمد مع سابقية القصد والمشاركة في محاولة القتل العمد مع سابقية القصد ويمثل معهم محمد البوغديري بحالة سراح.
كما وجهت جريمة المشاركة السلبية في القتل العمد مع سابقية القصد والمشاركة في محاولة القتل العمد الى كل من علي بن منصور ومحمد العربي الكريمي والشاذلي الساحلي وأحمد فريعة ورشيد بن عبيد مع العلم أنهم يمثلون بحالة سراح.
وشملت الابحاث أيضا الناصر العجمي والملازم الأول عبد الباسط بن مبروك وهما بحالة ايقاف واطارات امنية اخرى بحالة سراح وهم منجي الزواري وصالح تاج ورمزي الحجيري والحبيب الطرابلسي ونبيل الجبالي ومحمد المرادي وعبد الحميد الغربي وطارق الرويسي ولطفي الخميري وأسامة بن الشاذلي وهشام الماجري وعلي الحراق ونور الدين الحمروني وخميس المثلوثي والحبيب عياشي وأحمد الشيحي ومجدي الشايب وعبد الكريم اسماعيل وصلاح الدين الباجي وعادل حمدي وجهت اليهم تهمة القتل العمد وأحيل كذلك لطفي الفطناسي بحالة سراح من أجل المشاركة في القتل العمد فيما وجهت الى قيس بوراوي تهمة القتل عن غير قصد الناتج عن الاهمال والتقصير.